للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عقلي ونحو ذلك، فإنه إذا جاز أن يكون تصديق الناس له فيما أخبر به موقوفاً على مثل ذلك الشرط، جاز أن يكون موقوفاً على أمثاله من الشروط، إذ الجميع يشترك في أن الوقف على مثل هذا الشرط، يوجب أن لا يستدل بشيء من أخباره على العلم بما أخبر به.

وإن قالوا بتأول كل شيء إلا ما علم بالاضطرار أنه أراده، كان ذلك أبلغ فإنه ما من نص وارد إلا ويمكن الدافع له أن يقول: ما يعلم بالاضطرار أنه أراد هذا.

فإن كان للمثبت أن يقول: أنا أعلم بالاضطرار أنه أراده.

كان لمن أثبت ما ينازعه فيه هذا المثبت إن يقول أيضا مثل ذلك.

ولا ريب أن المثبتين للعلو والصفات عندهم أن هذا معلوم بالاضطرار من دين الرسول صلى الله عليه وسلم، فهم لا يتناقضون، ومن نازعهم يتناقض، فإنه لا يمكنه أن يقول لغيره من النفاة شيئاً، إلا أمكن أهل الإثبات للعلو أن يقولوا له: فإما أن تقبل مثل هذا، وإلا كان متناقضاً لا يستقيم له قول عند واحد من الطوائف، وهذا يبين فساد قوله وهو المطلوب.

وهذا الذي ذكرناه بين في كلام كل طائفة، حتى في كلام المثبتين لبعض الصفات دون البعض، فإنك إذا تأملت كلامهم لم تجد لهم قانوناً فيما يتأول وما لا يتأول، بل لازم قولهم إمكان تأويل الجميع، فلا يقرون إلا بما يعلم ثبوته بدليل منفصل عن السمع، وهم لا يجوزون مثل ذلك، ولا يمكنهم أن يقولوا مثل ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>