للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أن يكون هو العالم، وإما أن يكون العالم فيه، لأنه سبحانه قائم بنفسه، والقائم بنفسه إذا كان محايثاً لغيره، فلا بد أن يكون أحدهما حالاً في الآخر، بخلاف ما لا يقوم بنفسه كالصفات، فإنها قد تكون جميعاً قائمة بغيرها.

فهذا القسم لم يحتج أن يذكره لظهور فساده، وأن أحداً لا يقول به، إذ من المعلوم لكل أحد أن الله تعالى قائم بنفسه، لا يجوز أن كون من جنس الأعراض التي تفتقر إلى محل يقوم به.

وكذلك من هذا الجنس قول من يقول: لا هو مباين ولا محايث، لما كان معلوماً بصريح العقل بطلانه، لم يدخله في التقسيم، إذ من المستقر في صريح العقل أن الموجود: إما مباين لغيره، وإما مداخل له، فانتفاء هذين القسمين يبطل قول من يجعله لا مبايناً ولا مداخلاً كالمعدوم، وقول من يجعله حالاً في العالم مفتقراً إلى المحل كالأعراض، إذ المفتقر إلى المحل لا يقوم بنفسه، ولا يكون غنياً عما سواه، فيمتنع أن يكون واجب الوجود بنفسه.

ولهذا لم يقل مثل هذا أحد من العقلاء، وإن قال بعضهم ما يستلزم ذاك، فما كل من قال مذهباً التزم لوازمه.

وقد نفى أيضاً قول من يقول: هو في كل مكان بتقسيم آخر من هذا الجنس، إذ القائل بأنه لا داخل العالم ولا خارجه، لا يمكنه أن

<<  <  ج: ص:  >  >>