للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أخبرت بخبر تكذبها فيه الأخرى، ولزم من مجوع الأخبار أخذ المال، فهم لم يخبروا بقضية واحدة توجب أخذ المال، بل الكذب ممكن عليهم كلهم.

كذلك المتفقون على رد بعض ما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم وعلم بضرورات العقول، ويمكن أن يقع منهم على هذا الوجه، وهذا كاشتراك الكفار في تكذيب الرسول صلى الله عليه وسلم، وقول هؤلاء: هو ساحر، وهؤلاء: هو كاذب، وهؤلاء: هو مجنون، فهم في الحقيقة مختلفون لا متفقون.

وأيضاً فاتفاق العدد الكثير على تعمد الكذب، الذين يعلمون أنه كذب، يجوز إذا كان ذلك عن تواطئ منهم، وأما اتفاق الخلق الكثير على الكذب خطأ، فهو ممكن بالنظر والأمور الضرورية، فقد يعتبر عنها بعبارات غيها إجمال واشتباه، يظن كثير من الناس أن مفهومها لا يخالف الضرورة، وإنما يعلم أنها مخالفة للضرورة من ميز بين معانيها، وفصل المعنى المخالف للضرورة من غيره، فإذا كان قد سبق قليل من الناس إلى اعتقاد خطأ يتضمن مخالفة الضرورة، كان هذا جائزاً باتفاق العقلاء، فإن السفسطة تجوز على الطائفة القليلة تعمداً، فكيف خطأ؟ .

فإذا تلقى تلك الأقوال، عن أولئك السابقين إليها، عدد آخرون واشتهرت بين من اتبعهم فيها، صاروا متواطئين على قبولها، لما فيها الاشتباه والإجمال، مع تضمنها مخالفة الضرورة، وإن كان كثير من القائلين بها - أو أكثرهم - لا يعلمون ذلك، وهذا هو السبب في اتفاق

<<  <  ج: ص:  >  >>