للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويتظاهرون بخلاف شرائع الإسلام، وهو في نفي الصفات أسوأ حالاً من المعتزلة وأمثالهم، بمنزلة إخوانه الفلاسفة الباطنية، حتى أنه يجعل العلم هو العالم، والعلم هو القدرة، وهو مع موافقته لابن سينا على نفي الصفات، يبين فساد طريقته التي احتج بها وخالف بها قدماء الفلاسفة، وهو أن ما يشهد به الوجود من الموجود الواجب يمتنع كونه موصوفاً لأن ذلك تركيب، ووافق أبا حامد - مع تشنيعه عليه - على أن استدلال ابن سينا على نفي الصفات بأن وجوب الوجود مستلزم لنفي التركيب، المستلزم لنفي الصفات - طريقة فاسدة، واختار طريقة المعتزلة، وهي أن ذلك تركيب، والمركب يفتقر إلى مركب، وهي أيضاً من نمط تلك في الفساد.

وكذلك أيضاً زيف طريقهم التي استدلوا بها على نفي التجسيم: زيف طريقة ابن سينا وطرق المعتزلة والأشعرية بكلام طويل، واعتمد هو في نفي التجسيم على إثبات النفس الناطقة، وأنها ليست بجسم، فيلزم أن يكون الله ليس بجسم.

ولا ريب أن هذه الحجة أفسد من غيرها، فإن الاستدلال على نفي كون النفس جسماً أضعف بكثير من نفس ذلك في الواجب، والمنازعون له في النفس أكثر من المنازعين له في ذلك، لكن مما يطمعه، ويطمع أمثاله في ذلك ضعف مناظرة أبي حامد لهم في مسألة النفس، فإن أبا حامد بين فساد أدلتهم التي استدلوا بها على نفي كون الواجب ليس بجسم، وبين أنه لا حجة لهم على ذلك، وغنما الحجة على ذلك طريق

<<  <  ج: ص:  >  >>