للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبهذا ناظر الإمام أحمد الجهمية لما دعوه إلي المحنة، وصار يطالبهم بدلالة الكتاب والسنة علي قولهم، فلما ذكروا حججهم كقوله تعالى {خالق كل شيء} [الأنعام: ١٠٢] ، وقوله {ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث} [الأنبياء: ٢] وقوله النبي صلى الله عليه وسلم «تجيء البقرة وآل عمران» وأمثال ذلك من الأحاديث، مع ما ذكروه من قوله صلي الله عليه وسلم «إن الله خلق الذكر» أجابهم عن هذه الحجج بما بين به أنها لا تدل علي مطلوبهم.

ولما قالوا: ما تقول في القرآن: أهو الله أو غير الله؟ عارضهم بالعلم فقال: ما تقولون في العلم: أهو الله أو غير الله؟ ولما ناظره أبو عيسى محمد بن عيسى برغوث، وكان من أحذقهم بالكلام: ألزمه التجسيم، وأنه إذا أثبت لله كلاماً غير مخلوق لزم أن يكون جسماً.

فأجابه الإمام أحمد بأن هذا اللفظ لا يدري مقصود المتكلم به، وليس له أصل في الكتاب والسنة والإجماع، فليس لأحد أن يلزم الناس أن ينطقوا به، ولا بمدلوله، وأخبره أني أقول: هو أحد، صمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد، فبين أني لا أقول: هو جسم وليس بجسم، لأن كلا الأمرين بدعة محدثة في الإسلام، فليست هذه من الحجج الشرعية التي يجب علي الناس إجابة من دعا إلي موجبها، فإن الناس إنما عليهم إجابة الرسول فيما دعاهم إليه، وإجابة من

<<  <  ج: ص:  >  >>