للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أن تصديق الرسول ليس موقوفاً عليها.

وليس المقصود في هذا المقام إلا إبطال قول من يدعي أن تقديم النقل على العقل المعارض له يقدح في العقل الذي به علم صحة السمع، وقد تبين أن فساد هذا القول معلوم بالاضطرار من الدين، معلوم بالاضطرار من العادة، وأن الذين آمنوا بالرسول وعلموا صدقه، لم يكن علمهم موقوفاً على هذه القضايا.

ومما يشترك فيه الفريقان أن يقال: أهل العقول الذين سمعوا القرآن، والكفار من المشركين وأهل الكتاب في العصور المتقدمة، لم يكن منهم من طعن فيه، أو رد عليه مخالفة هذه الأخبار عن صفات الله لصريح المعقول، فلو كان العلم بنقيض ذلك ثابتاً في عقول بني آدم، لم يمكن في العادة أن يكون هذا الكلام الذي طبق مشارق الأرض ومغاربها، وظهر وليه على عدوه بالحجة الباهرة والسيف القاهر، وفي صريح المعقول ما يناقض أخباره، ولا أحد من العقلاء يتفطن لذلك: لا على وجه الطعن، ولا على وجه الاستشكال، مع أن هذه العقليات مما تتوفر الهمم والدواعي على استخراجها واستنباطها لو كانت صحيحة لأنها متعلقة بأشرف المطالب، والعلم به الذي تتوفر الهمم على طاب معرفة صفاته نفياً وإثباتاً.

فلو كانت هذه الطرق الدالة على السلب طرقاً صحيحة تعلم بالعقل، لكان مع الداعي التام يجب تحصيلها، فإنه مع كمال القدرة

<<  <  ج: ص:  >  >>