للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فأنت لو جعلته من الصنف الأول، من الفاعلين الذين يفعلون تأليف المؤلفات، كان خيراً من أن تجعله فاعلاً للحركات.

لكن الفاعل الدائم، للفعل الذي يحتاج إليه المفعول دائماً، أكمل ممن لا يفتقر إليه المفعول إلا في حال حدوثه، فإذا جعلته فاعلاً للتأليف، وهو محتاج إليه دائماً، كان خيراً من أن تجعله فاعلاً للحركة، فكيف ولم تجعلوه فاعلاً إلا من جهة كونه متشبهاً به فقط؟.

[الوجه السادس]

أن يقال: العالم ليس فيه مخلوق يشهد أنه فاعل لشيء منفصل عنه من كل وجه، لا عين ولا صفة، فإن فاعل التأليف في غيره كالبناء والخياط والكاتب ونحوهم، غاية فعله تأليف تلك الأجسام، مع أن كثيراً من متكلمة الإثبات، كالأشعري ومن وافقه، يقولون: ليس فعله إلا ما قام به في محل قدرته، وما خرج عنه ليس فعله.

والقائلون بالتولد يقولون: بل ذلك التأليف فعله.

والقول الوسط: أن التألف حادث بسبب فعله القائم به، وبسبب ما في الأجزاء المؤلفة من قبول التأليف وحفظه، ولهذا لم تكن الأجزاء محتاجة إلى الإنسان المحدث لتأليفها بعد التأليف، لأنها تمسك التأليف بما فيها من اليبس

<<  <  ج: ص:  >  >>