للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإن كان مرادك النوع المتعاقب شيئاً بعد شيء، فليس له أول، وليس هو حادثاً، بل النوع قديم من أن كل فرد من أفراده حادث.

وأنت لم تذكر دليلاً على امتناع هذه البتة، وإنما ذكرت أنه ليس فيها شيء قديم، وهذا مسلم لا نزاع فيه.

وقلت: فإن كان الماضي من الحوادث مستفتحاً مبتدأ، قد أتى الفراغ عليه استحال قولكم: إنها لم تزل موجودة شيئاً قبل شيء، لأن ما لم يزل فقديم غير مستفتح.

فيقال لك: كل واحد منها مستفتح مبتدأ.

ولكن لم قلت: إنه إذا كان كذلك استحال قول القائل: إنها لم تزل موجودة شيئاً قبل شيء، لأن ما لم يزل فقديم غير مستفتح؟.

فإن هذا القائل يقول: إن الذي لم يزل، إنما هو الجنس المتعاقب شيئاً بعد شيء، وأما كل واحد واحد من تلك الحوادث فلا يقول عاقل: إنه لم يزل.

فقول القائل: فإن كان الماضي من الحوادث مستفتحاً مبتدأ قد أتى الفراغ عليه، استحال قولكم: إنها لم تزل موجودة شيئاً قبل شيء.

يقال له: هم لا يقولون: إن جنس الماضي مستفتح مبتدأ.

فإن ما لم يزل موجوداً شيئاً قبل شيء لا يكون إلا قديماً لم يزل، ولكن يقولون: إن كل واحد من تلك الحوادث مستفتح مبتدأ، وهذا لا يقولون فيه: إنه لم يزل موجوداً.

فالذي يقولون: إنه لم يزل، ليس هو الذي يقولون: إنه مستفتح

<<  <  ج: ص:  >  >>