للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وله المثل الأعلى في السماوات والأرض} الروم: [٢٧] ، وقال {يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم} الحج: [٥] .

وكذلك ما ذكر في قوله {وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم * قل يحييها الذي أنشأها أول مرة} الآيات يس: [٧٨ـ٨٢] فإن قول الله تعالي {من يحيي العظام وهي رميم} قياس حذفت إحدى مقدمتيه لظهورها، والأخرى سالبة كلية قرن معها دليلها، وهو المثل المضروب الذي ذكره بقوله {وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم} وهذا استفهام إنكار متضمن للنفي، إي لا أحد يحيي العظام وهي رميم، فإن كونها رميماً يمنع عنده إحياءها لمصيرها إلي حال اليبس والبرودة المنافية للحياة التي مبناها علي الحرارة والرطوبة، ولتفرق أجزائها واختلاطها بغيرها، ولنحو ذلك من الشبهات.

والتقدير: هذه العظام رميم، ولا أحد يحيي العظام وهي رميم، فلا أحد يحييها.

ولكن هذه السالبة كاذبة، ومضمونها امتناع الإحياء، فبين سبحانه إمكانه من وجوه بيان إمكان ما هو أبعد من ذلك وقدرته عليه فقال {يحييها الذي أنشأها أول مرة} وقد أنشأها من التراب، ثم قال {وهو بكل خلق عليم} [يس: ٧٩] ليبين علمه بما تفرق من الأجزاء أو استحال، ثم قال {الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا} [يس: ٨٠] فبين أنه أخرج النار الحارة

<<  <  ج: ص:  >  >>