للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وتحقيق الكلام في هذا الموضع أن التسلسل هنا يراد به شيئان:

أحدهما: التسلسل في الفعل مطلقاً.

والثاني: التسلسل في فعل شيء معين.

فالأول أن يراد به أنه لا يحدث شيئاً من الأشياء أصلاً حتى يحدث شيئاً، فتكون حقيقة الكلام أنه لا يخلق حتى يخلق، ولا يفعل حتى يفعل، ولا يحدث حتى يحدث، وهذا ممتنع بالضرورة.

وهذا في حقيقة دور وليس بتسلسل، فإن معناه أنه لا يكون الشيء حتى يكون الشيء، فيلزم الجمع بين النقيضين، فإنه إذا لم يوجد حتى يوجد، لزم أن يكون معدوماً موجوداً.

وأما إذا قيل: لا يفعل شيئاً إلا بشرط يقارنه، ولا يفعل ذلك الشرط إلا بشرط يقارنه، فهذا التسلسل في تمام التأثير، وليس بتسلسل أمور متعاقبة، وهذا هو التسلسل في تمام التأثير، والأول تسلسل في أصل التأثير، وكلاهما ممتنع.

والأول هو الذي ينبغي أن يراد بقول القائل: إذا لم يفعل ثم فعل، فلا بد من حدوث شيء: إما قدرة، وإما إرادة، وإما علم، وإما أمر من الأمور.

ثم القول في حدوث ذلك كالقول في حدوث الأول.

فإن هذا الثاني أيضاً لا يحدث إلا بحدوث شيء يكون حادثاً معه، فإن ما كان من تمام التأثير فلا بد أن يكون موجوداً حين التأثير، لا يكفي وجوده قبله.

وحينئذ فيمكن تصوير هذه الحجة على وجهين:

أحدهما: أن يقال لا يحدث شيئاً حتى يحدث شيئاً، ولا يفعل شيئاً

<<  <  ج: ص:  >  >>