للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: فينبغي أن يسلم لأرسطو طاليس أن العلة الأولى على غاية ما يمكن من التمام والكمال.

[الرد على كلام آخر لثابت بن قرة]

فيقال له: أولاً: أرسطو لم يثبت على أولى مبدعة للعالم، ولا فاعلة له، ولا علة فاعلة له.

وإنما أثبت علة غائية له، ولم يقم على ذلك دليلاً.

فهو مع أنه لم يذكر إلا جزء علة لم يقم عليه دليلاً.

فأي تمام وكمال أثبته للعلة الأولى؟!

وأما أهل الإثبات فيقولون: نحن نثبت للأول غاية ما يمكن من التمام والكمال، بما نثبته له من صفات الكمال وأفعاله سبحانه وتعالى، فنحن أحق بوصفه بالكمال، من وجوه لا تحصر.

وإذا قال القائل: فلم تأخر ما تأخر من مفعولاته؟

قلنا: هو لازم على القولين، فلا يختص بجوابه.

ثم يقال: الموجب لذلك ما تقول أنت في نظيره في تأخر الحوادث، مثل استجماع الشروط التي بها يصلح كون الحادث مفعولاً، أو بها يمكن كونه مفعولاً، فإن عدمه قبل ذلك قد يكون لعدم الإمكان، وقد يكون لعدم الحكمة الموجبة تأخره، إذ لا بد في الفعل من القدرة التامة والإرادة التامة المستلزمة للحكمة.

وأما قوله: كما أنه ليس يمكن أن تؤخر الطبيعة فعلها في المادة القابلة إلا لعائق، فكذلك الأمر في العالم إذا كان إمكانه لم يزل.

والإمكان له بمنزلة المادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>