للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيقال: أولاً أنت لم تثبت له فعلاً ولا إبداعاً، بل الطبيعة عندك تفعل.

والأول لم يثبت إلا كونه محبوباً للتشبه به، وأثبت ذلك بلا دليل.

ويقال لك: ثانياً: إن كان مجرد الإمكان موجباً لكون الممكن مقارناً للواجب، لزم أن يكون كل ما يمكن وجوده أزلياً.

وهذا مكابرة للحس والعقل.

فإن قلت: إن بعض الممكنات توقف على شروط، أو يكون له مانع.

قيل لك: فحينئذ ما المانع أن يكون إبداع الأول للعل متوقفاً على شروط، أو له مانع، مع كون الأول لم يزل يفعل أفعالاً قائمة بنفسه، أو مفعولات منفصلة عنه، كما يقوله أساطين أصحابك من الفلاسفة المتقدمين على أرسطو أو غيرهم؟

ويقال لك: ثالثاً: إن كان العالم واجباً لنفسه، فقد تأخر كثير من أفعاله، فيلزم أن يتأخر ما يتأخر من فعل الواجب بنفسه، وإن كان ممكناً بنفسه، ففاعله قد أخر كثيراً مما فيه من الأفعال.

وعلى كل تقدير فقد تأخر عن الواجب بنفسه ما تأخر من مفعولاته، فعلم أنه لا يلزم مقارنة مفعولاته كلها له، وإذا جاز تأخر ما يتأخر من مفعولاته، فلم لا يجوز أن تكون الأفلاك من ذلك المتأخر؟

قال: إلا أن قوماً يرون أنه يجب من هذا -أعني من وجوب وجود العالم مع العلة الأولى- أن لا يكون صنع إرادي للعلة الأولى في وجود

<<  <  ج: ص:  >  >>