للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسائر أمورها على أفضل ما يمكن أن يكون وجود شيء عليه كلام حق، لكن أنتم من أبعد الناس عنه، فإنكم جعلتم أمر العلة الأولى من أنقص ما يمكن أن يكون وجود شيء عليه، بل جعلتموه أنقص من كل موجود شبيهاً بالمعدوم، فإن الموجودات أقسام: أعلاها الذي يفعل غيره ولا ينفعل عن غيره.

وهذا هو الذي يجب أن يكون عليه المبدأ الأول.

والقسم الثاني: الذي يفعل وينفعل، كالإنسان.

وثالثها: الذي ينفعل ولا يفعل كالجماد.

وأما ما لا يفعل وال ينفعل فهذا لا يكون إلا معدوماً.

وأنتم جعلتم الأول لا يفعل شيئاً ولا ينفعل، فإنكم قد قلتم: إنه لا يؤثر أثراً ولا يفعل فعلاً، لا عن إرادة ولا دون الإرادة، وقلتم أيضاً، إنه لا ينفعل عن غيره، وهذا حال المعدوم.

ووصفهم له بأنه معشوق لا يفيد، فإن المحبوب المعشوق من الموجودات لا بد أن يكون فاعلاً أو منفعلاً.

وأما ما لا يفعل ولا ينفعل فلا يحب ولا يحب، ولا حقيقة له.

فوصفتم الواجب الوجود المبدع لكل ما سواه بما هو أنقص من صفات سائر الموجودات، ولا يتصف به إلا المعدومات.

[الوجه الحادي عشر]

أنكم قلتم: إن المحرك الأول إنما يحرك الفلك، لكون الفلك مشتاقاً إليه أي إلى التشبه به.

وقلتم: إن المشتاق إليه إنما تحرك بجهة طبعية لا إرادية، لأنه قد يمكن أن يكون المعشوق المتشوق إليه نائماً أو غير ذي إرادة، وهو يحرك المشتاق إليه

<<  <  ج: ص:  >  >>