للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصولكم، وهو أحق بالجواز إن كانت أصولكم صحيحة -مما قلتموه فيه من وصفه بغاية النقص، فإذا وصفتموه بهذا كنتم قد وصفتموه بصفات الكمال، مع رعاية أصولكم التي اعتقدتم صحتها، ولم يكن في هذا محذور، إلا كان في نفيه من المحذور ما هو أعظم منه.

[الوجه الواحد والعشرون]

أن يقال: قولكم: فجوهرها ليس فيه شوق إلى شيء، ولا منافرة لشيء مضمونه أنها لا تحب شيئاً ولا تبغضه، فلم قلتم ذلك؟

فإن قلتم: إن المحب المبغض لا يحب إلا ما يحتاج إليه من غيره، ولا يبغض إلا ما يحتاج إلى دفعه عن نفسه.

قيل لكم: ولم قلتم ذلك، والفلك عندكم يحب بل يعشق؟ وإذا كان يحب شيئاً فإنه يبغض زواله، ومع هذا فهو عندكم لا يخاف من شيء منفصل، ولا يحتاج إلى دفع ضرر عن نفسه، بل ولا يجوز عليه الفساد والانحلال، وهو مع هذا عاشق محب، طالب مشتاق، فلا يلزم من كونه مشتاقاً، أن يكون من يعرض له أمر يحتاج إلى استدفاعه.

وأما كون الحب يوجب أن يكون فوقه جوهر آخر يقتبس منه، فهذا إنما يلزم إذا لم يكن قادراً على حصول محبوبه.

فأما إذا قدر أنه ليس في ذلك حاجة إلى ما هو غني عنه، لم يكن في ذلك محذور.

[الوجه الثاني العشرون]

أن يقال: قولكم: فجوهرها إذن ليس فيه شوق إلى شيء، ولا منافرة لشيء، ولا قبول لتغيير، ولا لحدوث

<<  <  ج: ص:  >  >>