للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقال لهم: ثانياً: لم لا يجوز أن يكون مفعولها المحتاج إليها هو الداعي الجاذب؟ وليس في هذا افتقار إلى ما هو مستغن عنها، وأنتم لم تقيموا دليلاً على انتفاء ذلك.

ويقال لهم: ثالثاً: لم لا يجوز أن يكون هو المبدأ لما يفعله، والداعي منه لا من غيره، وهو المحب لنفسه؟ وقد ذكر أئمتكم في كتبهم أنه عاشق ومعشوق وعشق، ولذيذ وملتذ به.

قال: وبالجملة فكل ما كان له ما هو بالطبع، على الجهة الطبيعية التي يمحوها، فإنه يلزم أن يوجد في جوهره شوق بالطبع، إلى حال لا تملكها إرادته، والمشتاق معلول من جهة شوقه للشيء المشوق إليه مبدأ له في ذلك الشوق، ومن جهة أي هو له علة تمامية من جهة من الجهات.

وليس يليق هذا الأمر البتة بالمبدأ الأول.

ولكنه مبدأ لكل طبيعة ولكل شوق ولكل حركة.

فيقال له: الكلام على هذا من وجوه:

الأول: قولكم: إن الأول مبدأ لكل طبيعة وكل شوق وكل حركة، كلام مناقض لما ذكرتموه، فإنكم لم تجعلوه إلا محبوباً فقط، لا فاعلاً مبدعاً، ولا علة فاعلة، ومجرد كون الشيء محبوباً لا يوجب أن يفعل شيئاً في غيره.

وقد علم الفرق بين العلة الفاعلة والغائية.

والثاني: قولكم: إن المشتاق إليه علة للمشتاق.

فيقال لكم: ولم يمتنع أن يكون محباً لنفسه؟ فهو المحب المحبوب.

<<  <  ج: ص:  >  >>