للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما ليس في مكان لا يكون للمكان إليه نسبة في الحضور عنده والغيبة عنه.

ولا يلزم من ذلك أن تكون هذه القضية هي الكاذبة، بل قد تكون الكاذبة قوله: إن النفس ليس إلا جسماً.

ونظير هذا التناقض قوله: إن واجب الوجود يعقل من ذاته ما هو مبدأ له، وهو مبدأ للموجودات التامة بأعيانها، فيعقل الموجودات التامة بأعيانها، والكائنة الفاسدة بأنواعها ويتوسط ذلك أشخاصها، فإنه إذا كان واجب الوجود يعقل الأفلاك بأعيانها وهي أجسام، وقد قال: إن الجسم لا يرتسم إلا في جسم لزم أن يكون جسماً.

ومع قوله: ما ليس في مكان لا يكون للشيء المكاني إليه نسبة في الحضور عنده، والغيبة عنده.

ومع قوله: الجسم الحاضر الموجود، إنما يكون حاضراً موجوداً عند جسم، وليس يكون حاضراً عند ما ليس بجسم.

فهذه الأقوال إذا ضم بعضها إلى بعض، لزم أن يكون واجب الوجود على قوله جسماً، وأن تكون النفس على أقواله أيضاً جسماً.

وما ذكره أبو البركات إنما هو إلزام لابن سينا بطريق المناقضة، وليس فيه ما يدل على بطلان ما ذكره من الإدراك، وإنما احتج أبو البركات على بطلان ذلك بأن المدركات كبار، والمدرك إذا كان جسماً أو قوة في جسم فهو صغير لا يسعها.

<<  <  ج: ص:  >  >>