للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نهاية له وهذا طريق المعتزلة ومن وافقهم من الأشعرية كأبي المعالي - بناء على أن أجسام العالم محدثه، وكل محدث فله محدث.

[تعليق ابن تيمية]

أما المقدمة الأولي فقد تبين كلامهم فيها، ومناقضة بعضهم بعضاً، وأنهم التزموا لأجلها: إما جحد صفات الله وأفعاله القائمة به، وإما جحد بعض ذلك، وأنهم اشترطوا في خلق الله تعالى للعالم ما ينافي خلق العالم، فسلطوا عليهم أهل الملل والفلاسفة جميعاً.

وأما الثاني فهي أظهر وأعرف وأبده في العقول من أن تحتاج إلي بيان، فبنوها على أن كل محدث فهو ممكن الوجود، وأن الممكن يحتاج في وجوده إلى مؤثر موجود، وكل من هاتين المقدمتين صحيحة في نفسها، مع أن القول بافتقار المحدث إلى المحدث أبين وأظهر في العقل من القول بافتقار الممكن إلى المؤثر الموجود، فبتقدير بيانهم للمقدمتين يكونون قد طولوا وداروا بالعقول دورة تبعد على العقول معرفة الله تعالى والإقرار بثبوته، وقد يحصل لها في تلك الدورة من الآفات ما يقطعها عن المقصود، فكانوا كما قيل لبعض الناس: أين أذنك؟ فرفع يده وأدارها على رأسه، ومدها وتمطى، وقال: هذه أذني، وكان يمكنه أن يشير إليها بالطريق المستقيم القريب، ويقول: هذه أذني.

وهو كما قيل:

أقام يعمل أياماً رويته ... وشبه الماء بعد الجهد بالماء

<<  <  ج: ص:  >  >>