للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إليه الأماني انسراب الماء إلى الغور، وأتت الدولة اليوسفية ففازت به قداحها، وأورى زنده اقتداحها، فقال فيها ما شاء، وأقال من عثاره الإنشاء، بعد خطوب أصارته طريدا، وقطعت منه وريدا، وما زال يرتضع أخلافها، وينتجع أكتفها، ويبسم ببيانه غفلها، ويتمم فرضها ونفلها، حتى طواه ضريحه، وركدت ريحه، فسقط بسقوطه نجم البيان، وأضحى دائر الأثر خفي العيان، وقد أثبتت في هذا التصنيف، من كلامه العالي المنيف، ما تتخذه سميرا، وتجعله على الكلام أميرا، فمن ذلك رقعة راجعني بها، وافتني أعزك الله لك أحرف كأنها الوشم في الخدود، تميس في حلل إبداعها كالغصن الأملود، وأنك لسابق هذه الحلبة لا يدرك غبارك في مضمارها، ولا يضاف سرارك إلى أبدارها، وما أنت في أهل البلاغة إلا نكتة فلكها، ومعجزة تتشرف الدول بتملكها، وما كان أخلقك بملك يدينك، وملك يقتنيك، ولكنها الحظوظ لا تعتمد من تتجمل به وتتشرف، ولا تقف إلى على من توقف، ولو اتفقت بحسب الرتب لما ضربت إلا عليك قبابها، ولا خلعت إلا عليك أثوابها، وأما ما عرضت فلا أرى أنفاذه أقواما، ولا أرضى لك أن تترك عيون أرائك نياما، ولو كففت من هذا الخلق، وانصرفت عن تلك الطرق، لكن أليق بك، واذهب مع حسن مذهبك، وقديماً أوردت الأنفة أهلها، موارد لم حمدوا صدرها، والموفق من أبعدها وهجرها، وسأستدرك الأمر قبل فواته، وأرهف لك مفلول شباته، فتوقف قليلاً، ولا تنفذ فيه دبراً ولا قبيلاً، حتى ألقاك هذه العشية وأعلمك بما تنبني عليه القضية، إن شاء الله، وكتب عن أمير المسلمين وناصر الدين أيده الله إلى طائفة متعدية، وأما بعد يا أمة اتعقل رشدها، ولا تجري إلى اتقتضيه نعم الله عندها، ولا تقلع عن أذى تفشيه قرباً وبعدا وجهدها، فإنكم لا ترعون لجار ولا لغيره حرمة، ولا تراقبون في مومن إلا ولا ذمة، فد أعماكم عن مصالحكم الأشر، وأضلكم ضلالاً بعيداً البطر، ونبذتم المعروف وراء ظهوركم، وأتيتم ما ينكر مقتديا في ذلك صغيركم بكبيركم، وخاملكم بمشهوركم، ليس فيكم زاجر، ولا منكم إلا غوي فاجر، ولم نرى إلا أن الله عز وجل قد شاء مسلخكم، وأراد نسخكم وفسخكم، فسلط عليكم الشيطان ويغركم ويغريكم، ويزين لكم قبائح معاصيكم، وكأنكم به قد نكص على عقبيه عنكم، وقال أني بريء منكم، وترككم في صفقة خاسرة، لا تستقيلونها إن لم تتوبوا في دنيا ولا آخره، وحسبنا

<<  <   >  >>