للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالسجوم، وقد أذنر بالفراق منذر، وحذر من لحاق البين محذر، ويا ليت ليلنا غير محجوب وشمسنا لا تطلع بعد وجوب، فلا نروع بانصداع ولا نفجع بوداع، حسبنا الله كذا بنيت هذه الدار، وابني سبحانه أن تصل شمس أنسنا الأقدار ولعلها تجود بعد لأي، وتعود إلى احسن رأي، فتنطر رحيلا، وتعمر ربعا محيلا، وكنت كثيراً ما أخاطبه على البعد، وأواصله بتجديد العهد، فوافى بلنسية فلم يمكن لقاؤه، ولم يتمكن بقاؤه، فارتحل وكتب إلي، يا سيدي المخول كريم الصفاء، المفضل في زمرة ذوي الخاء، الموهل للمحافظة على الوفاء، ومن لا عدمت من أمره أنصافاً، ومن بره أسعافا، ودنا كالسراب بعده أنس، وقربه يأس، وعهدنا كالشباب حظه مبخوس، وفقده تتوجع منه النفوس، فنحن نتجمع بالسؤال، ونتمتع بالخيال، ونلتقي على الناي تمثلاً، ولا نبتغي في الحي تأملا، وما كذا الفت الحميم، ولا على هذا خلفت الرأي الكريم، ولا ادري لعل الأقطار خواص تغير، وللأحرار أخلاق تسير، فيجب أن أعد لكل خلق خلقا، واسلك في معاشرة الناس طرقا، مقال لو كان حقا، وألفي من قائله صدقا، وأنا وهو بالاحتمال قمين، وبحسن التأويل ضمين، ولكنها زفرة شوق لعج، وضجرة توق هأيج، تثور ثم تسكن، وتتأمل عينها فتحسن، وحبذا فعل الصديق كيف تقلب، ومذهبة حيث ذهب، وأكرم بقدره ما انجب، وبذكره ما أطيب وأعذب، لازلت أمتع ببقائه، ولا أمنع من لقائه، بمنه، وكتب إلى الرئيس أبي عبد الرحمن بن طاهر وقد وصل بلنسية ليلاً، لا اشتكي من اليل طولا، ولا أذم جنحه موصولا، وقد زادت بي حال صباحه، وكافحني أشد كفاحه، ووصلت البارحة على حين هجع السمير، وامتنع إلى حذرة المجد المسير، وفي يومنا للرجاء امتداد، وللوفاء ميعاد، ولدي شوق يطير بي إليه مطارا، ولا يوجد ما دونه استقرار، فسكنت من استطارته قليلاً، وبردت من برحائه غليلا، وعبرت في مبادرة الحق ومواصلة البرسبيلا، والله عز وجهه يعيد إلى أفقنا حسن ضيائه، ويعين في المتعين على قضائه، لا شريك له والسلام الأتم يتردد على الولي الوفي ورحمة الله تعالى وبكاته، وكتب إلى القاضي أبي الحسن بن واجب، أينقضي يوم الصب وقد عذبنا ليلة أرقا، وفرق القلب فرقا، ويقبل جنحه وقد حجب عنا فلقا، واجرى العيون علقا، فسال منها ماء دفقا، وتعسا للمطي وان جد بنا الماما، حين أوردنا ظلاما،

<<  <   >  >>