للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كتبت على حالين بعد وعجمة ... فياليت شعري كيف يدنو فيعرب

ولما مات أبن ليون صاحب لورقة ووصل أمرها إليه، وحصل تدبيرها في يديه، طلب ملكا يعطيه صفقتها، ويمطيه صهوتها، إذا لم يصح له توليها، والعدو بلبطيط يراوحها باغارته ويغاديها، فوصل إلى المعتمد رحمة الله مقليا إليه تلك المقاليد، ومجنيا له أفنانها الأماليد، فتلقى بالبر وفادته وصلته، وأنزل عليه أعيانه وجلته، أخبرني الوزير أبو الحسين أبن سراج والوزير أبو بكر ابن القبطرنة أن المعتمد أمرهما بالمشي إليه، والنزول عليه، تنويها لمقدمه، وتنبيها على حظوته لديه وتقدمه فسارا إلى بابه، فوجداه مقفرا من حجاجه، فاستغربا خلوه من خول، وظن كل واحد منهما وتاول، ثم أجمعا على قرع الباب، ورفع ذاك الارتياب، فخرج وهو دهش، وأشار إليهما بالتحية، ويده ترتعش، وأنزلهما خجلا، ومشى بين أيديهما عجلا، وأشار إلى شخص فتوارى بالحجاب، وبارى الريح سرعة في الاحتجاب، قفعدا ومقلة الخشف ترمق من خلل السجف، فانصرفا عنه، وعزما أن يكتبا إليه بما فهما منه، فكتبا إليه: وافر مجزوء

سمعنا خشفة الخشفِ ... وشمنا طرفة الطرفِ

وصدّقنا ولم نقطع ... وكذّبنا ولم ننفِ

وأغضينا لجلالك ... عن أكرومة الظرفِ

ولم تنصف وقد جئنا ... ما ننهض من ضعفِ

وكان الحكم أن تحمل ... أو تردف في الردفِ

فراجعهما في الحين بقطعة منها: وافر مجزوء

أياسفنا على حال ... سلبت بها من الظرفِ

ويالهفي على جهلي ... بضيف كان من صنفي

وأخبرني الوزير أبو الحسن بن سراج أنه ركب معه في عشية الشك من شعبان ومعه لمة من أعيان قرطبة وقد غلبوه على المسير معهم، والزموة مجتمعهم، فخرج وهو مكره، ولا يتطلع إلى ذلك ولا يشره، ونفسه متعلقة بنشوة أطمعها بها، وسلوة اطلع لها كوكبها، فكان يروم التفلت، ويكثر التلفت، وكلهم قد حف به، ووقف دون مذهبه، حتى أخذ معهم في أمر جواده وعتقه، وبالغ في وصف مباراته وسبقه، ثم قام على متنه يريهم انه يجريه، ويعرض عليهم

<<  <   >  >>