للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بنحر، وكانت دواوين العلم مقفلة ففتحها، ومبهمة فأوضحها وشرحها، وجاء ابنه بعده فصارت رباعه به أواهل، ولم تعد معالمه بعده مجاهل، إلا أن أبا مروان كان دوح ذلك الفرع، ومدر ذلك الضرع، وصحب شيوخاً درجة أبي الحسين أن يحمل عن طلبتهم، وينزل عن مرتبهم، وكان في ضبطه وتقييده، وحله لتشبك الغرض وتعقيده، في حد لا يأتي عليه تحديد، ولا يعبر لسان حديد، إلا أنه كان يضجر عند السؤال فما يكاد يفيد، ويتفجر غيظاً على الطالب حتى يتبلد ولا يستفيد، وقد أثبت له من بدائع أقواله ما تعيد القول في استحسانه وتبديه، وتلتحف سناه وترتديه، فمن ذلك قوله يمدح المظفر بن جهور رحمه الله. كامل

أمّا هواك ففي أعزّ مكانِ ... كم صارم من دونه وسنانِ

بين حروب لم تزل تغذوهم ... حتّى الفطام ثديها بلبانِ

في كّل أرض يضربون قبابهم ... لا يمنعون تخيّر الأوطانِ

أو ما ترى أوتادها قصد القنا ... وحبالهنّ ذوائب الفرسانِ

عجباً لأسد في القباب تكلفت ... برعاية الظبيان والغزلانِ

ولقد سريت وما صبحت على السرى ... غير النجوم أرادة الكتمانِ

في ليلة نظرت إليّ نجومها ... أتقحم الغمرات غير جبانِ

قالت فتاتهم وقد نبّهتها ... واليل ملقي كلكل وجرانِ

كيف اجترأت على تجاوز من ترى ... من نائم حولي ومن يقظانش

أو لست أنساناً وما أن تنتهي ... هذي النهاية جراءة الإنسانِ

فأحببتها أنّ ابن جهورٍ الرضى ... منع المخاوف أن تحلّ جنانيِ

ومنها في العتاب والاستمناح. كامل

أتعود دلوي من بحور سماحكم ... صفرا وليست رثة الأشطانِ

ويكون ربعي مستبينا جديد ... حتى أهيم بنجعة البلدانِ

قسني بمن ينأى برفع مكانه ... بنديك العالي وخفض مكانيِ

أمن السويّة أن لحلّوا بالربى ... من أرضه واحلّ بالغيطانِ

أن ترخصوا خطري فكم مغل به ... يستام فيه بأرفع الأثمانِ

الوزير الفقيه أبو عبيد الله البكري رحمه الله تعالى

<<  <   >  >>