للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عالم الأوان، ومصنفه، ومقرط البيان، ومشنفه، بتواليف، كأنها الخرائد، وتصانيف، أبهى من القلائد، حلي بها من الزمان عاطلاً، وأرسل بها غمام الإحسان هاطلا، ووضعها في فنون مختلفة وانواع، وأقطعها ما شاء من إتقان وإبداع، وأما الأدب فهو كان منتهاه، ومحل سهاه، وقطب مداره، وفلك تمامه وإبداره، وكان كل ملك من ملوك الأندلس يتهاداه تهادي المقل للكرى، والآذان للبشرى، على هناة كانت فيه فإنه رحمه الله مباكر للراح ولا يصحو من خمارها، ولا يمحو رسم إدمانه من مضمارها، ولا يريد إلا على تعاطيها، ولا يستريد إلى على معاطيها، قد اتخذ ادمانها هجيرة، ونبذ من الأقلاع نبذ عاصم بن الإيمن مجيره، فلما حان انقراض شعبان وانصرافه، كانت فيه مستبثنعة النكر، تمجها الأوهام والخواطر، ويثبتها السماع المتواتر، وقد أثبت له ما يشهد لك بتقدمه، ويريك منتهى قدمه، رايته وأنا غلام ما أقمر هلالي، ولا نبع في الذكاء كوثري ولا زلالي، في مجلس ابن منظور، وهو في هيئة كإنما كسيت بالبهاء والنور، وله سبلة يروق العيون إيماضها، ويفوق السواد بياضها، وقد بلغ سن ابن محلم، وهو يتكلم فيفوق كل متكلم، فجرى ذكر ابن مقلة وخطه، وأفيض في رفعه وحطه، فقال: بسيط

خط ابن مقلة من أرعاه مقلته ... ودّت جوارحه لو أصبحت مقلا

فالدرّ يصفر لاستحسانه حسدا ... والورد يحمرّ من إبداعه خجلا

وله فضل من كتاب راجع به الفقيه الأستاذ أبا الحسن بن دري رحمهما الله، وتالله أني لاتطعم جنى محلورتك فيقف في اللهاة، واجد لتخيل مجالستك ما يجده الغريق للنجاة، واعتقد في مجاورتك، ما يعتقده الجبان في الحيوة. طويل

متى تخطئ الأيام فيّ بان أرى ... بغيضا يناءي أو حبيبا يقرّب

ورأيت رغبتك في الكتاب الذي لم يتحرر ولم يتهذب، وكيف التفرغ لقضاء أرب، والنشاط قد ولي وذهب، فما أجده إلا كما قيل. كامل

نزرا كما استكرهت عائر نفحة ... من فارة المسك التي لم تفتقِ

وإن يعن الله على المراد، فيك والله يستفاد، وبرغبتك أخرجه إلى الوجود من العدم وإليك يصل أدنى ظلم، بحول الله، وله فضل من رقعة يهنئ بها الوزير الأجل، أبا بكر بن زيدون بالوزارة، أسعد الله بوزارة سيدي الدنيا والدين،

<<  <   >  >>