للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَأَيْضًا فَلَيْسَ فِي كَوْنِهِ وَرِثَ مَالَهُ صِفَةَ مَدْحٍ، لَا لِدَاوُدَ وَلَا لِسُلَيْمَانَ، فَإِنَّ الْيَهُودِيَّ والنصراني يرث ابنه مَالَهُ، وَالْآيَةُ سِيقَتْ فِي بَيَانِ الْمَدْحِ لِسُلَيْمَانَ، وَمَا خَصَّهُ اللَّهُ بِهِ مِنَ النِّعْمَةِ.

وَأَيْضًا فَإِرْثُ الْمَالِ هُوَ مِنَ الْأُمُورِ الْعَادِيَّةِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ النَّاسِ، كَالْأَكْلِ، وَالشُّرْبِ، وَدَفْنِ الْمَيِّتِ. وَمِثْلُ هَذَا لَا يُقصُّ عَنِ الْأَنْبِيَاءِ إِذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ، وَإِنَّمَا يُقصُّ مَا فِيهِ عِبْرَةٌ وَفَائِدَةٌ تُسْتَفَادُ، وَإِلَّا فَقَوْلُ الْقَائِلِ: ((مَاتَ فُلَانٌ وَوَرِثَ ابنُه مَالَهُ)) مِثْلُ قَوْلِهِ: ((وَدَفَنُوهُ)) وَمِثْلُ قَوْلِهِ: ((أَكَلُوا وَشَرِبُوا وَنَامُوا)) وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُحْسَنُ أَنْ يُجعل مِنْ قَصَصِ الْقُرْآنِ.

(فَصْلٌ)

قَالَ الرَّافِضِيُّ: ((وَلَمَّا ذَكَرَتْ فَاطِمَةُ أَنَّ أَبَاهَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهبها فدَك قال لها: هات أسودا وأحمر يَشْهَدُ لَكِ بِذَلِكَ، فَجَاءَتْ بِأُمِّ أَيْمَنَ، فَشَهِدَتْ

لَهَا بِذَلِكَ، فَقَالَ: امْرَأَةٌ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا. وَقَدْ رَوَوْا جَمِيعًا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: أُمُّ أَيْمَنَ امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَجَاءَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فَشَهِدَ لَهَا بِذَلِكَ، فَقَالَ: هَذَا بَعْلُكِ يَجُرُّهُ إِلَى نَفْسِهِ وَلَا نَحْكُمُ بِشَهَادَتِهِ لَكِ، وَقَدْ رَوَوْا جَمِيعًا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ... - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: عليٌّ مَعَ الْحَقِّ، وَالْحَقُّ مَعَهُ يَدُورُ مَعَهُ حَيْثُ دَارَ لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يردا عليَّ الحوض، فغضبت فاطمة عليها السَّلَامُ عِنْدَ ذَلِكَ وَانْصَرَفَتْ، وَحَلَفَتْ أَنْ لَا تُكَلِّمَهُ وَلَا صَاحِبَهُ حَتَّى تَلْقَى أَبَاهَا وَتَشْكُوَ إِلَيْهِ، فَلَمَّا حَضَرَتْهَا الْوَفَاةُ أَوْصَتْ عَلِيًّا أَنْ يَدْفِنَهَا لَيْلًا وَلَا يَدَعَ أَحَدًا مِنْهُمْ يصلِّي عَلَيْهَا، وَقَدْ رَوَوْا جَمِيعًا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: يَا فَاطِمَةُ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَغْضَبُ لِغَضَبِكِ وَيَرْضَى لِرِضَاكِ، وَرَوَوْا جَمِيعًا أَنَّهُ قَالَ فَاطِمَةُ بِضْعَةٌ مِنِّي، مَنْ آذَاهَا فَقَدْ آذَانِي، وَمَنْ آذَانِي فَقَدَ آذَى اللَّهَ. وَلَوْ كَانَ هَذَا الْخَبَرُ صَحِيحًا حَقًّا لَمَا جَازَ لَهُ تَرْكُ الْبَغْلَةِ الَّتِي خَلَّفَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسَيْفِهِ وَعِمَامَتِهِ عِنْدَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ، وَلَمَا حَكَمَ لَهُ بِهَا لَمَّا ادَّعَاهَا الْعَبَّاسُ، وَلَكَانَ أَهْلُ الْبَيْتِ الَّذِينَ طَهَّرَهُمُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ مِنَ الرِّجْسِ مُرْتَكِبِينَ مَا لَا يَجُوزُ، لِأَنَّ الصَّدَقَةَ عَلَيْهِمْ مُحَرَّمَةٌ. وَبَعْدَ ذَلِكَ جَاءَ إِلَيْهِ مَالُ الْبَحْرَيْنِ وَعِنْدَهُ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ، فَقَالَ له: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لي: إذا أتى مال البحرين حثوث لَكَ، ثُمَّ حَثَوْتُ لَكَ، ثَلَاثًا، فَقَالَ لَهُ: تَقَدَّمْ فَخُذْ بِعَدَدِهَا، فَأَخَذَ مِنْ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ غَيْرِ بيِّنة بَلْ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ)) .

<<  <   >  >>