للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومنزلته من الله ونحو ذلك من الْمَقَالَاتِ الْبَاطِلَةِ، الَّتِي تَتَضَمَّنُ أَنَّ الْوَاحِدَ مِنَ الْبَشَرِ يُشَارِكُ اللَّهَ فِي بَعْضِ خَصَائِصِهِ.

مِثْلِ أَنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ، أَوْ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَنَحْوِ ذَلِكَ كَمَا يَقُولُ بَعْضُهُمْ في النبي صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي شُيُوخِهِ: إِنَّ عِلْمَ أَحَدِهِمْ يَنْطَبِقُ عَلَى عِلْمِ اللَّهِ وَقُدْرَتَهُ مُنْطَبِقَةٌ عَلَى قُدْرَةِ اللَّهِ، فَيَعْلَمُ مَا يَعْلَمُهُ اللَّهُ وَيَقْدِرُ وَيَقْدِرُ عَلَى مَا يَقْدِرُ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَهَذِهِ الْمَقَالَاتُ، وَمَا يُشْبِهُهَا مِنْ جِنْسِ قَوْلِ النَّصَارَى، والغالية في عليّ، وهي باطلة بإجماع الْمُسْلِمِينَ.

وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْسُبُ إِلَى الْوَاحِدِ مِنْ هَؤُلَاءِ مَا تَجُوزُ نِسْبَتُهُ إِلَى الْأَنْبِيَاءِ وَصَالِحِي المؤمنين، من الكرامات، كدعوة مجابة ومكاشفات مِنْ مُكَاشَفَاتِ الصَّالِحِينَ، وَنَحْوِ ذَلِكَ فَهَذَا الْقَدْرُ يَقَعُ كَثِيرًا مِنَ الْأَشْخَاصِ الْمَوْجُودِينَ الْمُعَايَنِينَ، وَمَنْ نَسَبَ ذَلِكَ إِلَى مَنْ لَا يُعْرَفُ وُجُودُهُ، فَهَؤُلَاءِ وَإِنْ كَانُوا مُخْطِئِينَ فِي نِسْبَةِ ذَلِكَ إِلَى شَخْصٍ مَعْدُومٍ فَخَطَؤُهُمْ كَخَطَأِ مَنِ اعْتَقَدَ أَنَّ فِي الْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ رِجَالًا مِنْ أَوْلِيَاءِ الله تعالى وَلَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ، أَوِ اعْتَقَدَ فِي نَاسٍ مُعَيَّنِينَ أَنَّهُمْ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ وَلَمْ يَكُونُوا كَذَلِكَ، وَلَا رَيْبَ أَنَّ هَذَا خَطَأٌ وَجَهْلٌ وَضَلَالٌ يَقَعُ فِيهِ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، لَكِنَّ خَطَأَ الإمامية وضلالهم أقبح وأعظم.

[لا وجود لإلياس والخضر]

(الْوَجْهُ الرَّابِعُ) : أَنْ يُقَالَ الصَّوَابُ الَّذِي عَلَيْهِ محققو العلماء أن إلياس وَالْخَضِرَ مَاتَا، وَأَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنَ الْبَشَرِ واسطة بَيْنَ اللَّهِ عَزَّ سُلْطَانُهُ وَبَيْنَ خَلْقِهِ فِي خلقه ورزقه وَهُدَاهُ وَنَصْرِهِ، وَإِنَّمَا الرُّسُلُ وَسَائِطُ فِي تَبْلِيغِ رِسَالَاتِهِ، لَا سَبِيلَ لِأَحَدٍ إِلَى السَّعَادَةِ إِلَّا بطاعة الرسل.

وأما خلقه وهداه ونصره ورزقه فَلَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى. فَهَذَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى حَيَاةِ الرُّسُلِ وَبَقَائِهِمْ، بَلْ وَلَا يَتَوَقَّفُ نَصْرُ الْخَلْقِ وَرِزْقُهُمْ عَلَى وُجُودِ الرسل أصلا، بل قد يخلق ذَلِكَ بِمَا شَاءَ مِنَ الْأَسْبَابِ بِوَاسِطَةِ الْمَلَائِكَةِ أَوْ غَيْرِهِمْ، وَقَدْ يَكُونُ لِبَعْضِ الْبَشَرِ فِي ذَلِكَ مِنَ الْأَسْبَابِ مَا هُوَ مَعْرُوفٌ فِي الْبَشَرِ.

وَأَمَّا كَوْنُ ذَلِكَ لَا يَكُونُ إِلَّا بواسطة من الْبَشَرِ، أَوْ أَنَّ أَحَدًا مِنَ الْبَشَرِ يَتَوَلَّى ذَلِكَ كُلَّهُ وَنَحْوَ ذَلِكَ، فَهَذَا كُلُّهُ بَاطِلٌ، وَحِينَئِذٍ فَيُقَالُ لِلرَّافِضَةِ إِذَا احْتَجُّوا بِضَلَالِ الضُّلَّالِ {ولن

<<  <   >  >>