للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الثَّالِثُ: أَنَّ فِي الصَّحِيحِ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ تَسْمِيَةَ غَيْرِ عَلِيٍّ صِدِّيقًا، كَتَسْمِيَةِ أَبِي بَكْرٍ الصدّيق، فكيف يُقال: الصدّيقون ثلاثة؟

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صعد أُحُداً، وَتَبِعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ، فَرَجَف بِهِمْ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((اثْبُتْ أُحُد فَمَا عَلَيْكَ إِلَّا نَبِيٌّ أَوْ صِدِّيقٌ وشهيدان)) (١) .

الْوَجْهُ الرَّابِعُ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ سمَّى مريم صدِّيقة، فكيف يُقال: الصديقون ثلاثة؟!

الْوَجْهُ الْخَامِسُ: أَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ: الصِّدِّيقُونَ ثَلَاثَةٌ، إِنْ أَرَاد بِهِ أَنَّهُ لَا صِدِّيقَ إِلَّا هَؤُلَاءِ، فَإِنَّهُ كَذِبٌ مُخَالِفٌ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ المسلمين. وإن أراد أن الكامل في الصدِّيقة هُمُ الثَّلَاثَةُ، فَهُوَ أَيْضًا خَطَأٌ، لِأَنَّ أُمَّتَنَا خَيْرُ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ، فَكَيْفَ يَكُونُ المصدِّق بِمُوسَى وَرُسُلِ عِيسَى أَفْضَلَ مِنَ المصدِّقين بِمُحَمَّدٍ؟!

الْوَجْهُ السَّادِسُ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ} (٢) . وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ كُلَّ مُؤْمِنٍ آمَنَ بِاللَّهِ ورسله فهو صدّيق.

السَّابِعُ: أَنْ يُقال: إِنْ كَانَ الصِّدِّيقُ هُوَ الَّذِي يَسْتَحِقُّ الْإِمَامَةَ، فَأَحَقُّ النَّاسِ بِكَوْنِهِ صدِّيقا أَبُو بَكْرٍ؛ فَإِنَّهُ الَّذِي ثَبَتَ لَهُ هَذَا الِاسْمُ بِالدَّلَائِلِ الْكَثِيرَةِ، وَبِالتَّوَاتُرِ الضَّرُورِيِّ عِنْدَ الْخَاصِّ وَالْعَامِّ، حَتَّى إِنَّ أَعْدَاءَ الْإِسْلَامِ يَعْرِفُونَ ذَلِكَ، فَيَكُونُ هُوَ الْمُسْتَحِقَّ لِلْإِمَامَةِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَوْنُهُ صدِّيقا يَسْتَلْزِمُ الْإِمَامَةَ بَطَلَتِ الْحُجَّةُ.

[(فصل)]

قَالَ الرَّافِضِيُّ: ((الْبُرْهَانُ السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً} (٣) . مِنْ طَرِيقِ أَبِي نُعيم بِإِسْنَادِهِ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ نَزَلَتْ فِي عَلِيٍّ، كَانَ مَعَهُ أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ، فَأَنْفَقَ دِرْهَمًا بِاللَّيْلِ، وَدِرْهَمًا بِالنَّهَارِ، وَدِرْهَمًا سِرًّا، وَدِرْهَمًا عَلَانِيَةً، وَرَوَى الثَّعْلَبِيُّ ذَلِكَ. وَلَمْ يحصل لغيره، فيكون أفضل، فيكون هو الإمام)) .


(١) انظر الْبُخَارِيِّ كِتَابُ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ((لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خليلاً)) الخ. وانظر مسلم ج٤ ص ١٨٥٥.
(٢) الآية ١٩ من سورة الحديد.
(٣) الآية ٢٧٤ من سورة البقرة.

<<  <   >  >>