للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لاَ يَبْغِيَانِ} (١) . مِنْ تَفْسِيرِ الثَّعْلَبِيِّ وَطَرِيقِ أَبِي نُعيم عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ} قَالَ: عَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ {بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَ يَبْغِيَانِ} النبي صلى الله عليه وآله: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} (٢) : الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ، وَلَمْ يَحْصُلْ لِغَيْرِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ هَذِهِ الْفَضِيلَةُ، فَيَكُونُ أَوْلَى بِالْإِمَامَةِ)) .

وَالْجَوَابُ: أَنَّ هَذَا وَأَمْثَالَهُ إِنَّمَا يَقُولُهُ مَنْ لَا يَعْقِلُ مَا يَقُولُ. وَهَذَا بِالْهَذَيَانِ أَشْبَهَ مِنْهُ بِتَفْسِيرِ القرآن، وهو من جنس تفسير الملاحدة الْبَاطِنِيَّةِ لِلْقُرْآنِ، بَلْ هُوَ شَرٌّ مِنْ كَثِيرٍ مِنْهُ. وَالتَّفْسِيرُ بِمِثْلِ هَذَا طَرِيقٌ لِلْمَلَاحِدَةِ عَلَى الْقُرْآنِ وَالطَّعْنُ فِيهِ، بَلْ تَفْسِيرُ الْقُرْآنِ بِمِثْلِ هَذَا مِنْ أَعْظَمِ الْقَدْحِ فِيهِ وَالطَّعْنِ فِيهِ.

وهو مِنْ إِلْحَادَاتِ الرَّافِضَةِ كَقَوْلِهِمْ: {وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ} (٣) ، عَلِيٌّ، وَكَقَوْلِهِمْ: {وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ} (٤) : إِنَّهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، {وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرَآنِ} (٥) : بَنُو أُمَيَّةَ، وَأَمْثَالُ هَذَا الْكَلَامِ الَّذِي لَا يَقُولُهُ مَنْ يَرْجُو لِلَّهِ وَقَارًا، وَلَا يَقُولُهُ من يؤمن بالله وكتابه.

ومما يبيّن كذب ذلك من وجوه: أحدها: أَنَّ هَذَا فِي سُورَةِ الرَّحْمَنِ، وَهِيَ مَكِّيَّةٌ بإجماع المسلمين، والحسن إِنَّمَا وُلِدَا بِالْمَدِينَةِ.

الثَّانِي: أَنَّ تَسْمِيَةَ هَذَيْنِ بَحْرَيْنِ، وَهَذَا لُؤْلُؤًا، وَهَذَا مَرْجَانًا، وَجَعْلَ النِّكَاحِ مَرَجًا- أَمْرٌ لَا تَحْتَمِلُهُ لُغَةُ الْعَرَبِ بِوَجْهٍ، لَا حَقِيقَةً وَلَا مَجَازًا، بَلْ كَمَا أَنَّهُ كَذِبٌ عَلَى اللَّهِ وَعَلَى الْقُرْآنِ، فَهُوَ كَذِبٌ عَلَى اللُّغَةِ.

الثَّالِثُ: أَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذَا شَيْءٌ زَائِدٌ عَلَى مَا يُوجَدُ فِي سَائِرِ بَنِي آدَمَ، فَإِنَّ كُلَّ مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً ووُلد لهما ولدان من هذا الجنس.

الرَّابِعُ: أَنَّ اللَّهَ ذَكَرَ أَنَّهُ مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ فِي آيَةٍ أُخْرَى، فَقَالَ فِي الْفُرْقَانِ: {وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلحٌ أُجَاجٌ} (٦) فَلَوْ أُرِيدَ بِذَلِكَ عَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ لَكَانَ ذَلِكَ ذَمًّا لِأَحَدِهِمَا، وَهَذَا بَاطِلٌ بِإِجْمَاعِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالشِّيعَةِ.

الْخَامِسُ: أَنَّهُ قَالَ: {بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَ يَبْغِيَانِ} فلو أريد بذلك عليّ


(١) الآيتان ١٩، ٢٠ من سورة الرحمن.
(٢) الآية ٢٢ من سورة الرحمن.
(٣) الآية ١٢ من سورة يس.
(٤) الآية ٤ من سورة الزخرف.
(٥) الآية ٦٠ من سورة الإسراء.
(٦) الآية ٥٣ من سورة الفرقان.

<<  <   >  >>