للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ مَرَّةً: ((مَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ اثْنَيْنِ فَلْيَذْهَبْ بِثَالِثٍ، وَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ أَرْبَعَةٍ فَلْيَذْهَبْ بِخَامِسٍ وَسَادِسٍ - أَوْ كَمَا قَالَ - وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ جَاءَ بِثَلَاثَةٍ، وَانْطَلَقَ نَبِيُّ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم - بعشرة، وذكر الحديث (١) .

(فَصْلٌ)

وَأَمَّا قَوْلُهُ: ((ثُمَّ لَوْ أَنْفَقَ لَوَجَبَ أَنْ يَنْزِلَ فِيهِ قُرْآنٌ، كَمَا أنزَلَ فِي عليّ: {هَلْ أَتَى}

وَالْجَوَابُ: أَمَّا نُزُولُ: {هَلْ أَتى} فِي عَلِيٍّ، فَمِمَّا اتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ عَلَى أَنَّهُ كَذِبٌ مَوْضُوعٌ، وَإِنَّمَا يُذْكُرُهُ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ مَنْ جَرَتْ عَادَتُهُ بِذِكْرِ أَشْيَاءَ مِنَ الْمَوْضُوعَاتِ.

وَالدَّلِيلُ الظَّاهِرُ عَلَى أَنَّهُ كَذِبٌ: أَنَّ سُورَةَ {هَلْ أَتى} مَكِّيَّةٌ بِاتِّفَاقِ النَّاسِ، نَزَلَتْ قَبْلَ الْهِجْرَةِ، وَقَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَ عَلِيٌّ بِفَاطِمَةَ، وَيُوَلَدَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ، وَقَدْ بُسط الْكَلَامُ عَلَى هَذِهِ الْقَضِيَّةِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، وَلَمْ يَنْزِلْ قَطُّ قُرْآنٌ فِي إِنْفَاقِ عَلِيٍّ بِخُصُوصِهِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ، بَلْ كَانَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ فِي عِيَالِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَبَعْدَ الْهِجْرَةِ كَانَ أَحْيَانًا يُؤَجِّرُ نَفْسَهُ: كُلُّ دَلْوٍ بِتَمْرَةٍ، وَلَمَّا

تَزَوَّجَ بِفَاطِمَةَ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَهْرٌ إِلَّا دِرْعَهُ، وَإِنَّمَا أَنْفَقَ عَلَى الْعُرْسِ ما حصل له من غزوة بدر.

وَأَمَّا الصدِّيق رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَكُلُّ آيَةٍ نَزَلَتْ فِي مَدْحِ الْمُنْفِقِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ أَوَّلُ الْمُرَادِينَ بِهَا مِنَ الْأُمَّةِ، مِثْلَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {لاَ يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا} (٢) ، وَأَبُو بَكْرٍ أَفْضَلُ هَؤُلَاءِ وَأَوَّلُهُمْ.

وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِم وَأَنْفُسِهِم} (٣) .

وَقَوْلُهُ: { (وَسَيُجَنَّبُهُا الأَتْقَى * الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى} (٤) ، فَذَكَرَ المفسِّرون، مِثْلُ ابْنِ جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي حَاتِمٍ، وَغَيْرِهِمَا، بِالْأَسَانِيدِ عَنْ عروة بن الزبير وعبد الله بن الزبيد وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَغَيْرِهِمْ، أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي أبي بكر (٥) .

(فَصْلٌ)

قَالَ الرَّافِضِيُّ: ((وَأَمَّا تَقْدِيمُهُ فِي الصَّلَاةِ فَخَطَأٌ، لِأَنَّ بِلَالًا لَمَّا أَذَّنَ بِالصَّلَاةِ، أَمَرَتْ عائشة


(١) انظر البخاري ج١ ص ١٢٠ وج٤ ص ١٩٤.
(٢) الآية ١٠ من سورة الحديد.
(٣) الآية ٢٠ من سورة التوبة.
(٤) الآية ١٨ من سورة الليل.
(٥) انظر تفسير الطبري ج٣٠ ص ٢٢٨.

<<  <   >  >>