للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فلا والله ما قطع صلاته ولا تحرك من مصلاه، ونحن نظن أنهم يرونه كما نراه، إلا أن الله سبحانه وتعالى أعمى أبصارهم عنه، وحماه من كيدهم، وخرجوا من المسجد بأجمعهم وانصرفوا، والشيخ رحمه الله في مصلاه كما كان. وما العيان كالإخبار والسماع.

قال المؤلف أطال الله بقاءه: حضرت بدمشق وقد وقع بين العميان وبين رجل كان يتولّى وقفهم يعرف بابن البعلبكّيّ خلف، فلقوا فيه صاحب دمشق شهاب الدين محمود بن تاج الملوك بوري رحمه الله (١) عدة مرار، فقال للأمير مجاهد الدين بوزان (٢) بن ما مين: أي مجاهد الدين، بالله (٣) خلصني منهم، واجمعهم وأحضر نائبهم في الوقف وافصل حالهم. فقال: السمع والطاعة. وقال لي مجاهد الدين: تفضل واحضر معنا. فاجتمعنا في إيوان كبير في دار، وحضر النائب ابن البعلبكي ونائب كان قبله يقال له ابن الفراش، وحضر العميان في نحو من ثلاثمائة رجل، فحملوا أقدمهم (٤) ودخلوا الإيوان، كل واحد وعصاه معه في يده وضعها إلى جنبه، ثم تجاروا الحديث (٥)، فكان بعضهم هواه مع النائب الأول ابن الفراش، وبعضهم هواه مع ابن البعلبكي. فتنازعوا وتخاصموا ساعة ولا يتدخل بينهم لعلو أصواتهم وكثرتهم، ثم تواثبوا فارتفع في الإيوان نحو من ثلاثمائة عصا في أيدي عميان (٦) لا يدرون من يضربون. وعلا الضجيج والصياح حتى ندمت على حضوري. فتلطفنا الأمر حتى سكنت الفتنة بينهم، ومشينا (٧) أمرهم على ما أرادوا، وما صدّقنا أنهم ينصرفون.


(١) قتل سنة ٥٣٣ في مؤامرة لجماعة من الأمراء. النجوم الزاهرة.
(٢) رسمت في خ «بزان».
(٣) هذا ما في خ. وفي الأصل: «تاللّه».
(٤) في الأصل: «قدامهم»، وأثبت ما في خ.
(٥) تجاروا في الحديث: جروا في المناظرة والجدال. وفي الأصل: «تحاوروا»، وأثبت ما في خ.
(٦) في الأصل: «العميان»، وأثبت ما في خ.
(٧) في الأصل: «ومشيا» صوابه في خ.

<<  <  ج: ص:  >  >>