للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقام الحباب بن المنذر فقال:

(يا معشر الأنصار املكوا على أيديكم، ولا تسمعوا مقالة هذا وأصحابه فيذهبوا بنصيبكم من هذا الأمر فإن أبوا علكم ما سألتموه فأجلوهم عن هذه البلاد، وتولوا عليهم هذه الأمور، فأنتم والله أحق بهذا الأمر منهم فإنه بأسيافكم دان لهذا الدين من دان ممن لم يكن يدين، أنا جُذَيلها (١) المحكَّك وعُذَيقُها المرَجَّب، أما والله لو شئتم لنعيدنَّها جَذَعة) .

لقد لج الحباب في الخصومة، واستعمل في خطبته ألفاظا شديدة وحرض الأنصار على إجلاء المهاجرين من المدينة إذا لم يولوهم الخلافة وتوعدهم بالشر لذلك قال له عمر محتدا، إذن يقتلك الله. قال: بل إياك يقتلك.

قال أبو عبيدة:) يا معشر الأنصار إنكم أول من نصر وآزر فلا تكونوا أول من غير وبدل) .


(١) الجذل: أصل الشجرة، وعود ينصب لتحتك به الجربى من الإبل فتستشفى به، والعذق: النخلة بحملها وقول الحباب: "أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب" مثل يضرب لمن يستشفى برأيه ويعتمد عليه، أي قد جربتني الأمور ولي رأي وعلم يستشفى بهما كما تستشفى هذه الإبل بهذه الجذل. وصغره على جهة المدح وصغر الغذق على جهة المدح أو التعظيم. والترجيب: أن تدعم الشجرة إذا كثر حملها لئلا تتكسر أغصانها. وقيل ترجيبها هو أن يوضع الشوك حوالي الأعذاق لئلا يصل إليها فلا تسرق. وقد أراد بالترجيب التعظيم.

<<  <   >  >>