للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وسعوا في نقله إلى حضرة المملكة بالديار المصرية، فنقل وأودع السجن ساعة حضوره واعتقل وعقدوا لإراقة دمه مجالس وحشدوا لذلك قومًا من عمار الزوايا وسكان المدارس من محامل في المنازعة مخاتل بالمخادعة ومن مجاهر بالتكفير مبارز بالمقاطعة يسومونه ريب المنون، وربك يعلم ما تكنُّ صدورهم وما يعلنون وليس المجاهر بكفره بأسوأ حالًا من المخاتل وقد دبت إليه عقارب مكره فرد الله كيد كل في نحره، فنجاه على يد من اصطفاه والله غالب على أمره ثم لم يخل بعد ذلك من فتنة بعد فتنة، ولم ينتقل طول عمره من محنة إلا إلى محنة إلى أن فوض أمره لبعض القضاة، فقلد ما تقلد من اعتقاله ولم يزل بمحبسه ذلك إلى حين ذهابه إلى رحمة الله تعالى وانتقاله، وإلى الله ترجع الأمور وهو المطلع على خائنة الأعين وما تخفي الصدور، وكان يومه مشهودًا ضاقت بجنازته الطريق وانتابها المسلمون من كل فج عميق يتبركون بمشهده يوم يقوم الأشهاد ويتمسكون بشرجعه حتى كسروا تلك الأعواد وذلك في ليلة العشرين من ذي القعدة سنة ثمان وعشرين وسبعمائة بقلعة دمشق المحروسة، وكان مولده بحران في عاشر شهر ربيع الأول من سنة إحدى وستين وستماية رحمه الله وإيانا"انتهى

أخذ عنه شيئًا من جزء ابن عرفة.

وقال الذهبي:" كاد يدرك الفخر ففاته بليلتين ولعل مشيخته يقاربون الألف ونسخ بخطه وانتقى ولازم الشهادة مدة وكان طيب الأخلاق بساماً صاحب دعابة ولعب صدوقاً في الحديث حجة فيما ينقله له بصر نافذ في الفن وخبرة بالرجال ومعرفة بالاختلاف ويد طولى في علم اللسان ومحاسنه جمة، قال: ولو أكب على العلم كما ينبغي لشدت إليه الرحال ولكنه كان يتلهى

<<  <   >  >>