للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شريعة قوم نوح غير صالحة لقوم إبراهيم أو محمد فليس

لنقص في الشريعة التي شرعها الله، فإذا لم يصلح ثوب زيد

لعمرو فليس سببه نقص أو عيب في الثوب المفصل لزيد،

فهو تام بالنسبة له، وصالح له أتم الصلاح، لأنه مفصل على

قَدِّه، وكذلك شريعة قوم نوح صالحة لهم وحدهم، لأنها

مفصلة عليهم، فهي تامة لهم.

فإذا جاء قوم غير قوم نوح أعطاهم الله شرعاً يسعهم

ويصلح لهم، وهكذا الأمر بالنسبة للأقوام الآخرين.

فلما أراد الله أن يبعث إلى الناس كافة رسولاً أرسل

لهم معه شريعة من عنده، ولما كان هذا الرسول الكريم آخر

رسله زوده بشريعة كاملة غير قابلة في أصولها إلى إضافة

جديدة، لأن الكامل يأبى الإضافة، وإلا لما كان كاملاً.

ومن أظهر الفوارق البينة بين شريعة الله وشريعة

البشر أن شريعة الله هي التي تنشئُ مجتمعها، أما شريعة

البشر فإن مجتمع البشر هو الذي ينشئُ شريعته، وشتان

ما بينهما، وما أعظم الفارق بين الشرعين.

فشريعة الإسلام شرعها الله، فهي لا تتغير، لأن من

أبدعها لا يتغير، فهي ثابتة، وليس كل ثبات جموداً،

وثبات الشمس أو الأرض ليس بجمود، والثبات هنا بقاء

<<  <   >  >>