للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القول الثاني: أن الحكم المرفوع والمنفي في الحديث هو: جميع

أحكام الخطأ والنسيان، وهذا شامل للإثم، والعقاب، والضمان،

والقضاء، وهو قول بعض الشافعية كفخر الدين الرازي، وبعض

الحنابلة كأبي الخطاب، وابن قدامة.

أدلة هذا المذهب:

الدليل الأول: أنه لا بد من تقدير لفظ " حكم " في الحديث،

فتكون العبارة - بعد التقدير -: " رفع عن أمتي حكم الخطأ

والنسيان "، فيكون اسم منكر أضيف إلى معرفة وهو: " حكم

الخطأ "، وهذه صيغة من صيغ العموم، وهذا يقتضي رفع جميع

أحكام الخطأ والنسيان، فيترتب على ذلك: أن من ترك عبادة خطأ

أو نسيانا، أو إكراها لا يأثم بتركها ولا يعاقب، ولا يلزم قضاؤها،

ومن أتلف خطأ، أو نسيانا لا يأثم بذلك ولا يضمنه.

جوابه:

أنا نوافقكم على أن عبارة: " حكم الخطأ والنسيان " تفيد العموم

لوجود صيغة من صيغ العموم، ولكن هذا العموم قد خُصص

بعرف استعمال أهل اللغة، حيث إن العارف بعرف أهل اللغة

يخصصه برفع الإثم والعقاب، والعرف من المخصصات المعروفة،

وقد سبق بيان ذلك.

الدليل الثاني: أن الشارع لو أراد نفي ورفع المؤاخذة والعقاب

والإثم فقط، لترتب على ذلك إبطال فائدة تخصيص الأُمَّة بالرفع

والنفي الوارد في الحديث؛ حيث إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: " رفع عن أمتي الخطأ والنسيان "،

فقوله: " عن أمتي " يقتضي اختصاصها بهذه الرخصة، أي: أنا لو قلنا: إن النفي والرفع حكم مختص