للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن النسخ بيان وتخصيص في الأزمان، وهذا بيان في الأعيان،

والنسخ يجوز تأخيره باتفاق العلماء، بل هو واقع فيه.

وعلى هذا: يجوز أن يرد لفظ يدل على تكرار الفعل على الدوام

ثم ينسخ ويقطع الحكم بعد حصول ذلك الاعتقاد بلزوم الفعل على

الدوام.

وورود بيان نسخ الحكم بعد اعتقاد دوامه واقع لا شك فيه - كما

سبق في النسخ - فإذا كان هذا جائزاً فإنه يجوز تأخير البيان مطلقا،

ولا فرق.

المذهب الثاني: أنه لا يجوز تأخير البيان من وقت الخطاب إلى

وقت الحاجة مطلقا، أي: سواء كان المراد بيانه له ظاهر يفهم

ويعمل كالعام والمجمل، أو ليس له ظاهر كالمجمل إلا النسخ

- فقط - فيجوز فيه ذلك.

وهو مذهب بعض الحنفية، وبعض الشافعية - ونسب إلى

الصيرفي منهم -.

وهو مذهب جمهور الظاهرية، وجمهور المعتزلة، وبعض

المالكية، وبعض الحنابلة كغلام الخلال - عبد العزيز بن جعفر -

وأبي الحسن التميمي.

أدلة هذا المذهب:

الدليل الأول: أنه يراد بالخطابات تفهيم السامع للمطلوب فيها

لكي يعمل بها، وهذه هي فائدتها، والخطاب بالمجمل بدون

توضيحه وبيانه خطاب بما لا يفهم، والخطاب بما لا يفهم لا فائدة

فيه، وما لا فائدة فيه يكون وجوده كعدمه، وهذا هو العبث الذي

يتنزه الله عن الكلام به.