للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الوجه الثانى: أن السيد لو قال لعبده: " أريد منك كذا ولست

أريده " لأنكر ذلك، لكونه تناقضا وقبحاً، ولكنه لو قال لعبده:

"افعل كذا ولست أريده " لا ينكر هذا.

الدليل الثالث: قياس الأمر على النهي، بيان ذلك:

أن النهي إنما يكون نهياً لعلمنا أن الناهي يكرهه، فكذلك الأمر

إنما يكون أمراً لأن الآمر يريد المأمور به.

جوابه:

لا نسلم ما قلتموه في النهي؛ لأن النهي إنما كان نهياً للزجر عن

الفعل بالقول على وجه الاستعلاء، فكذلك الأمر إنما كان أمراً

لاستدعاء الفعل على وجه الاستعلاء.

بيان نوع الخلاف:

الخلاف هنا لفظي؛ لأن مآل كلام أصحاب المذهبين واحد؛

حيث حصل الاتفاق على المعنى، فأصحاب المذهب الأول نظروا

إلى السامع الذي يحمل كلام المتكلم على مراده، فيقول: مراد

المتكلم بصيغة الأمر: معناها الحقيقي، وهو طلب الفعل؛ نظراً

لعدم وجود صارف لهذا الأمر إلى غيره، ولو كان مراد المتكلم غيره

لنصب قرينة تدل على ذلك، فكان إرادة غيره احتمالاً عقليا.

وهذا هو معنى قول أصحاب المذهب الثاني فإنهم يقرون بأن

التهديد ليس معنى حقيقيا، بل هو احتمال عقلي لا يراد إلا عند

إقامة دليل أو قرينة تدل على إرادته، فكان الخلاف لفظيا.