للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الجواب الأول: أنه إذا وردت صيغة " افعل "، وهي مجردة عن

القرائن فهي للاستدعاء، وهو: الأمر، ولا تحمل على غيره من

الإباحة والتهديد والتعجيز وغيرها إلا بقرينة واضحة جلية.

الجواب الثاني: أنكم قستم صيغة " افعل " على اللفظ المشترك

مثل " اللون "، وهذا القياس فاسد، لأنه قياس مع الفارق؛ حيث

إن لفظ " اللون " لم يوضع لشيء معين، أما صيغة " افعل "، فإن

العرب قد وضعوها لشيء معين، وهو: الاستدعاء، فمثلاً: لو

أمر السيد عبده بأن يقوم بتلوين ثوبه، فقام العبد فلوَّنه بأيِّ لون شاء

فإنه لا يستحق الذم ولا التوبيخ؛ لأن " اللون " لفظ مشترك بين

جميع الألوان، لكن لو أمره وقال: " اسقني ماء "، ولم يسقه فإنه

يستحق الذم والتوبيخ، لأن " افعل " عند الإطلاق لا تحمل إلا على

معنى معين وهو: الاستدعاء.

بيان نوع الخلاف:

الخلاف هنا معنوي، حيث إن أصحاب المذهب الأول يحملون

صيغة " افعل " على أنها ظاهرة، وأن لها معنيان وهما: إفادتها

للأمر، وعدم إفادتها له، وأنه يرجح إفادتها للاستدعاء والأمر بدون

قرينة، ويعملون على ذلك.

أما أصحاب المذهب الثاني فإنهم يحملون لفظ " افعل " على أنه

مجمل وأنه لا معنى له راجح: فالمعنيان السابقان لا يرجح أحدهما

على الآخر إلا بمرجح خارجي: فلا يجوز عندهم العمل بأن " افعل "

للأمر إلا بدليل خارجي يدل على أنه للأمر، وإلا: توقفوا.

بيان منشأ الخلاف في هذه المسألة:

إنا منشأ الخلاف في مسألة صيغة الأمر هو: خلافهم في مسألة