للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منها: احتجاج فاطمة - رضي اللَّه عنها - بعموم قوله تعالى:

(يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ) على طلب حقها من ميراث أبيها، ولم

ينكر عليها أبو بكر ولا غيره من الصحابة ذلك، مع أنه مخصص

بالكافر، والقاتل، والعبد، فإنهم قد استدلوا بعموم هذه الآية

على ميراث الباقي بعد إخراج هؤلاء الثلاثة.

ومنها: قوله تعالى: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ) ، وقوله: (والسارق والسارقة ... ) فقد احتجوا بهما

مع أنهما قد خصا بالمكره، والصبي، والمجنون، والجاهل.

والأمثلة على ذلك كثيرة؛ حيث إن كلها تدل على إجماع الصحابة

على الاحتجاج بالعموم المخصوص.

الدليل الثاني: أن دلالة العام لا زالت على ما هي عليه لم تتغير

بعد التخصيص، كما كانت قبل التخصيص، بيان ذلك:

أن لفظ " السارق " مثلاً قد وضع لجميع السارقين؛ حيث إنه لفظ

مفرد محلى بـ " أل "، فهو يفيد العموم - فهو يتناول كل سارق فتقطع

يده، فلما جاء المخصص وأخرج بعض السارقين كالمجنون،

والصبي، ومن سرق ما دون النصاب، وبيَّن أن هؤلاء لا تقطع

أيديهم وإن سرقوا، فإن هذا المخصِّص قد صرف اللفظ العام - وهو

السارق في قوله تعالى: (والسارق والسارقة ... ) عن دلالته على

هؤلاء، وإذا صرف المخصوص دلالة اللفظ عن هؤلاء، فإنه لم

يصرفه عن دلالته على الباقي، ولم يتعرض للباقي لا من قريب، ولا

من بعيد، فيبقى اللفظ يدل على الباقي على ما كان سابقا، ويستمر

على ذلك بدون تأثير، وهذا قياساً على الاستثناء، فإذا قال:

"أكرم الطلاب إلا زيداً "، فإن الاستثناء خاص بزيد، وقد أخرجه