للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المذهب الثالث: أنه لا يجوز أن يخصص العام إلى أن يبقى

واحد، ولا أقل الجمع، بل الذي يجوز هو: أن يخصص العام إلى

أن صبقى عدد يوصف بالجمع الكثير مطلقا، أي: سواء كان لفظ

العموم جمعا كالرجال، أو غير جمع كأدوات الشرط والاستفهام.

إلا أن يستعمل ذلك اللفظ الواحد على سبيل التعظيم، كقوله

تعالى: (إنا نحن نزلنا الذكر) .

وهو مذهب أبي الحسين البصري، واختاره فخر الدين الرازي،

وبعض العلماء.

دليل هذا المذهب:

أنه لو جاز أن يكون الباقي بعد التخصيص ثلاثة فما دونها: لكان

قول القائل: " قتلت كل الناس " وهو لم يقتل إلا ثلاثة فأقل: غير

مستقبح عرفا؛ لكونه قد استعمل اللفظ فيما يصلح له، لكن هذا

القول مستقبح عرفاً؛ حيث إن أهل العرف يلومون هذا القائل،

ويستقبحون هذا القول منه، فدل على أن العام لا يصلح للثلاثة

ابتداء، فلا يصلح لها كذلك بعد التخصيص.

جوابه:

إنه عند وجود القرينة المخصصة، فإن أهل العرف لا يعيبونه، ولا

يلومونه، ولا يستقبحون قوله ذلك.

فيجوز أن يقول ذلك وإن قتل القليل، كما يجوز أن يقول

الشخص العليل الذي يصف أمراً للطبيب: " أكلت اللحم "، ويريد

به القليل.