للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الاستثناء يحتمل احتمالاً قوياً: أنه من السكوت الذي لا يحل

بالاتصال الحكمي - كما ذكرنا فيما سبق - ويجب العمل على ذلك.

الدليل الثاني: أن الاستثناء بيان وتخصيص للكلام الأول فجاز

تأخيره كالنسخ، والأدلة المنفصلة المخصصة للعموم.

جوابه:

إن قياسكم على النسخ، وعلى الأدلة المنفصلة المخصصة قياس

فاسد؛ لأنه قياس مع الفارق، حيث إنا أثبتنا فرقين بين الاستثناء

والمخصص المنفصل في المسألة الثالثة السابقة، وكذلك أثبتنا ثلاثة

فروق بين الاستثناء والنسخ في المسألة الرابعة السابقة، ومع وجود

الفرق فلا قياس.

بيان نوع الخلاف:

الخلاف معنوي؛ حيث إن المتكلم لو فصل بين المستثنى منه

والمستثنى، فإن المستثنى لا يؤثر على المستثنى منه إلا إذا فصله بشيء

اضطر إليه كسعال ونحوه كما لو قال. " عليّ ألف ريال استغفر الله

إلا مائة "، فإنه لا يصح الاستثناء، وذلك لأنه فصل بشيء يستطيع

تركه، هذا بناء على المذهب الأول.

أما بناء على المذهب الثاني، فإنه يصح الاستثناء، وقالوا: إنه

فصل يسير فلم يؤثر، وقد رجحه بعض الشافعية، وإني أتعجب من

ذلك؛ حيث خالفوا في ذلك الأصل الذي قالوا به وهو: اشتراط

الاتصال.

تنبيه: المشترطون للاتصال - وهم أصحاب المذهب الأول - وهم

الجمهور اتفقوا على أن ينوي المتكلم الاستثناء في الكلام، فلو لم

يعرض له نية الاستثناء إلا بعد فراغ المستثنى منه لم يُعتد به.