للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الناس - فلم تتحقق حقيقة الاستثناء؛ حيث إنه لم يصرف الكلام

ولا ثناه عن وجه استرساله، فلم يتحقق الاستثناء من اللفظ.

اعتراض على هذا:

قال قائل - معترضا -: إنه يصح الاستثناء بناء على ما وقع به

الاشتراك من المعنى بين المستثنى والمستثنى منه؛ حيث إنهما يشتركان

في الحيوانية.

جوابه:

أنه لو جاز ذلك للزم منه جواز استثناء كل شيء من كل شيء

ضرورة: أنه ما من شيئين إلا وهما مشتركان في معنى عام لهما،

وليس كذلك.

الدليل الثاني: أن الاستثناء من الجنس قد كثر استعماله كثرة شائعاً

حتى إنه إذا أطلق يتبادر منه أنه من الجنس، والتبادر أمارة الحقيقة،

فكان حقيقة في الاستثناء من الجنس، فإذا ورد استثناء من غير الجنس

فقد ورد على خلاف الحقيقة، فيكون مجازاً.

الدليل الثالث: أن الاستثناء من غير الجنس على غير وضع اللغة،

فلو قال: " رأيت العلماء إلا الكلاب "، أو قال: " قدم الحاج إلا

الحمير "، لكان ذلك مستهجناً وعيباً عند عقلاء أهل اللغة، وما هذا

شأنه لا يكون وضعه مضافاً إلى أهل اللغة.

المذهب الثاني: أنه لا يشترط أن يكون المستثنى من جنس المستثنى

منه، بل إن الاستثناء من غير الجنس صحيح، ويكون حقيقة.

وهو مذهب أبي حنيفة، ومالك، وبعض الشافعية، وبعض

المتكلمين، وبعض النحويين كابن جني.