للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تعالى في سورة أخرى: (أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا)

ثم استثنى في سورة أخرى قائلاً: (إلا عبادك منهم المخلصين) ،

وهم القليل المذكور، ولهذا قيده بلفظ " منهم "، فثبت أنه استثنى الأقل وأبقى الأكثر.

أما الآية الثانية، فإن اللَّه تعالى قال فيها:

(إن عبادي ليس لك عليهم سلطان) ، فأضاف العباد إليه مطلقا،

وذلك يقع على كل عبد له من مَلَك، وآدمي، وجني، ثم قال:

(إلا من اتبعك من الغاوين) ، والغاوون من جميع العباد هم الأقل؛ لأن الملائكة كلهم غير غاوين كما قال تعالى: (بل عباد مكرمون) ، وهم أكثر

الخلق، ويضاف إليهم من آمن من الإنس والجن، فيكونون أكثر من

الغاوين، فثبت أنه استثنى الأقل، وأبقى الأكثر.

الجواب الثاني: لا نُسَلِّمُ أن " إلا " في الآيتين للاستثناء، بل هي

بمعنى " لكن "، والتقدير يكون في الآية الأولى: " ولكن عبادك

المخلصين لا أستطيع غوايته "، والتقدير في الآية الثانية: " ولكن

من اتبعك من الغاوين فإن جهنم موعدهم أجمعين ".

أما الآية الأولى فظاهر فيها أن المراد"بلفظ " إلا ": " لكن ".

أما الآية الثانية وهي قوله: (إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك) ، فظاهرها يفيد أنه استثناء - في السلطان، تقديره:

" إلا اتبعك من الغاوين، فإن لك عليهم سلطانا "، وهذا لا يصح؛

لأن الغاوين لا سلطان له عليهم - أيضا - دلَّ على ذلك قوله تعالى:

(وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي) ، فأخبر أنه لا سلطان له على الغاوين - أيضا - فدل هذا على