للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اعتراض على ذلك:

قال قائل - معترضا -: لا نُسَلِّمُ أن الاستنباط هو القياس، بل

يمكن أن يكون المراد به ما هو أعم من القياس؛ حيث إنه يصح أن

يقال: إن مستخرج الحكم من ظاهر النص يُسمى مستنبطا.

جوابه:

إن لفظة: " الاستنباط " لو دققنا النظر فيها لوجدنا أنها خاصة في

الشيء الذي لا يستخرج إلا بصعوبة، فالشخص الذي يأتي بماء من

بئر عميق يُسمَّى مستنبطا للماء، لكن الذي يأتي به من البحر أو

النهر، فإنه لا يُطلق عليه أنه مستنبط عرفا، فكذلك هنا فإن من

استخرج حكما بصعوبة ومشقة، فإنه يُطلق عليه أنه مستنبط، وهذا

يحصل في القياس فقط، ومن عرف حكما من ظاهر نص كمعرفته

لوجوب الصلاة من قوله تعالى: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ) ، فإنه لا

يسمى مستنبطاً عادة وعرفا.

الدليل الخامس: قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا) .

وجه الدلالة: أن القياس هو في حقيقته تمثيل الشيء بالشيء،

وتشبيه أحدهما بالآخر، فإذا جاز ذلك من اللَّه العالم بكل شيء

الذي لا تخفى عليه خافية، فهو من المخلوق أوْلى بالجواز.

وقد أكثر ابن القيم - رحمه الله - من ذكر مثل هذهَ الآية التي فيها

ضرب اللَّه فيها لعباده الأمثال، وساقها للاستدلال بها على حجية

القياس.

الدليل السادس: قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ) .