للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ففي هذين المثالين نرى الشارع قد رتب على جهة المصلحة

والمفسدة مقتضاهما.

جوابه:

إن الكلام في مصلحة تعارضها مفسدة في شيء واحد، أما ما

ذكرتموه في المثالين فإنه ليس كذلك؛ حيث إن مفسدة الغصب لم

تكن قد نشأت من الصلاة، بدليل: أنه يأثم إذا أشغل المغصوب

واستعمله ولو لم يصل، وكذلك فإن مصلحة الصلاة لم تنشأ من

الغصب بدليل: أن صلاته صحيحة إذا أداها في غير الأرض

المغصوبة، فلم يحصل التعارض بين مصلحة الصلاة، ومفسدة

الغصب؛ حيث لا تعارض بين المقتضى الذاتي، والمقتضى الخارجي.

الدليل الثاني: أن السلطان لو ظفر بجاسوس من أعدائه، فإنه

يحسن منه أمران: " عقابه "، و " العفو عنه ": فقد يعاقبه زجراً

لأمثاله وتأديبا لهم، وقد يحسن إليه ويعفو عنه إما لكشف أسرار

عدوه عن طريق هذا الجاسوس، وإما أنه عفى عنه للاستهانة بعدوه،

وفعل السلطان هذا لا يعد خارجاً به عن مقتضى المناسبة والحكمة،

وسواء في ذلك ما إذا كانت المناسبتان متساويتين، أو إحداهما أرجح

من الأخرى.

جوابه:

لا نسلم أن هذا التصرف من السلطان حسن على الإطلاق، بل

لا بد أن يفعل الأرجح منهما، ولو فعل المرجوح منهما لا يكون

تصرفه وفعله موافقاً لتصرفات العقلاء، ولا يكون مناسبا.

بيان نوع الخلاف:

الخلاف هنا لفظي؛ حيث إن أصحاب المذهب الثاني - وهم

القائلون: بعدم بطلان المناسبة بمعارضة المفسدة الراجحة أو المساوية -