للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثانياً: هل الدوران يفيد العلية؟

لقد اختلف العلماء في ذلك على مذاهب:

المذهب الأول: أن الدوران يفيد العلية ظنا بشرط: عدم المزاحم،

وعدم المانع.

وهو مذهب جمهور العلماء، وهو الحق؛ لدليلين:

الدليل الأول: العادة والعقل، بيانه: أنا نجد العقلاء من الناس

يفزعون في أمور الأدوية والأغذية إلى التجربة، فهم - على اختلاف

عقائدهم ومللهم ومعادنهم ولغاتهم - يرون أن التجارل أثبتت أن

الأثر الفلاني مما يعد صحة ونشاطا قد حصل عند استعمال هذا

الدواء، أو ذاك الغذاء الفلاني وتكراره، ولم يحصل ذلك حالة

انعدامه، فيستمسكون به عندما يريدون الحصول على ذلك الأثر،

ولولا غلبة ظنهم أن استعماله سبب لذلك الأثر لما فزعوا إليه عند

إرادتهم له، ولم يفزعوا لغيره، فإذا كان الدوران دليل على صحة

العِلَّة العقلية هنا، فإنه يكون دليلاً على صحة العِلَّة الشرعية ولا فرق.

الدليل الثاني: أدط الدوران يفيد العلية فى الأمور العادية والمألوفة،

فإذا كان الأمر كذلك في الأمور العادية فمانه يفيد ظن العلية في

غيرها؛ لعدم الفارق.

فمثلاً: لو أن زيداً قد دخل فرأينا عمراً قد قام، فلما خرج زيد

جلس عمرو، وتكرر ذلك فإنه يغلب على ظننا: أن العلَّة في قيام

عمرو هي: دخول زيد.

كذلك لو أن جماعة من الناس قد رأوا زيداً يغضب عند مناداته

بلقب مخصوص، ولا يغضب إذا دعي بغيره، وقد تكرر منه ذلك: