للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المطلب الخامس عشر في بيان أنه يشترط في الوصف المستنبط المعلل به

أن لا يرجع على الأصل بإبطاله

ودليل هذا الشرط: أن العِلَّة لما كانت فرعا لهذا الحكم من حيث

إنها مستنبطة منه، والفرع لا يجوز أن يعود على أصله بالإبطال؛

لأنه يلزم منه: أن يرجع إلى نفسه بالإبطال - أيضا - باعتبار أن

إبطال الأصل إبطال للفرع، فلا يجوز - إذن - أن يكون الوصف

المعلل به مبطلاً لحكم أصله أو جزء منه؛ لأن إبطال الشىء نفسه

محال.

ومن أمثلة العلَّة التي تعود على أصلها بالإبطال: ما ذكره بعض

المالكية من أن اتبَاع رمضان بصوم ستة أيام من غير شوال كاف في

المطلوب، ما دام أن المعنى موجود فيه وهو: أنه تكميل للسنة، ولا

يخفى.

وهذا التعليل مبطل لخصوص شوال الذي دلَّ عليه النص.

ومنها: أنه لما ورد قوله - صلى الله عليه وسلم -:

"في كل أربعين شاة شاة "

علل كثير من الحنفية وجوب الشاة في الزكاة بدفع حاجة الفقراء، ولذلك

- جوزوا إخراج قيمتها.

وهذا التعليل - وهو: دفع الحاجة - يرفع وجوب الشاة بعينها مع

أن الحديث صريح في وجوبها؛ لأن حاجة الفقير تندفع بقيمة الشاة

- أيضاً - فتعليل هذا بهذه العِلَّة - وهي: دفع الحاجة - نقل وجوب

الشاة بعينها إلى تخيير المزكي بين إخراج شاة بعينها، وبين قيمتها،

وهذا التعليل قد محاد على أصله بالإبطال.