للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المذهب الأول: أنه يجوز التعليل بالعلَّة القاصرة المستنبطة.

وهو مذهب جمهور العلماء، وهو الحق؛ لما يلي من الأدلة:

الدليل الأول: أن العِلَّة القاصرة المستنبطة كالعلَّة القاصرة المنصوص

عليها أو المجمع عليها ولا فرق، فإذا جاز التعليل بالعلَّة القاصرة

المنصوص عليها أو المجمع عليها، فكذلك إذا استنبطت، فيجب أن

تكون صحيحة، كما أننا لم نفرق بين العِلَّة المتعدية المنصوص عليها

أو المجمع عليها وبين العِلَّة المتعدية المستنبطةَ.

الدليل الثاني: أنه إذا كان الوصف القاصر مناسبا للحكم،

والحكم ثابت على وفقه، فإنه يغلب علىِ الظن كونه عِلَّة للحكم،

أي: كونه معرفا للحكم، ولا معنى لصحة العِلَّة إلا ذلكَ.

المذهب الثاني: أنه لا يجوز التعليل بالعلَّة القاصرة.

وهو مذهب أكثر الحنفية، وهو اختيار بعض الشافعية، ومال إليه

أبو عبد اللَّه البصري من المتكلمين.

أدلة هذا المذهب:

الدليل الأول: أنه لا فائدة للتعليل إلا التعدية إلى الفرع، والعلة

القاصرة - كما سبق - لا تتعدى إلى الفرع، وما دام أنه يخلو

التعليل بالعلَّة القاصرة من التعدي فلا فائدة فيه، وما لا فائدة فيه فلا

يرد به الشرع، وبناء على ذلك فإنه يبطل التعليل بالعلَّة القاصرة.

جوابه:

أنا لا نُسَلِّمُ أن فائدة العِلَّة منحصرة بما ذكرتم من التعدي إلى

الفرع، بل إن للعِلة فوائد هي كما يلي:

الفائدة الأولى: أنه بسبب العِلة القاصرة يمكننا التعرف على أن