للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المبحث الثامن هل وقع الاجتهاد من النبي - صلى الله عليه وسلم -؟]

لقد اختلف أصحاب المذهب الأول في المبحث السابع - وهم

القائلون: يجوز الاجتهاد للنبي - صلى الله عليه وسلم - - فيما بينهم هل وقع الاجتهاد منه - صلى الله عليه وسلم - أو لا؟ على مذهبين:

المذهب الأول: أن الاجتهاد وقع من النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وهو مذهب بعض الحنفية، وكثير من المالكية ومنهم ابن الحاجب،

وكثير من الشافعية ومنهم: الآمدي، وفخر الدين الرازي، وكثير

من الحنابلة ومنهم: أبو الخطاب، وابن قدامة، وهو الحق عندي؛

لما يلي من الأدلة:

الدليل الأول: أن - صلى الله عليه وسلم - قد استشار أبا بكر وعمر - رضي الله عنهما - في الأسرى يوم بدر، فأخذ برأي أبي بكر، حيث وافق

رأيه رأي النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخذ الفداء مقابل إطلاق سراح الأسرى، فعاتبه الله تعالى بقوله: (مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٦٧) لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (٦٨) ،

فحزن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد نزول هاتين الآيتين.

فلو لم يكن الرسول لمجييه قد وقع منه الاجتهاد وعمل به لما

عوتب، لأنه لا عتاب على العمل بالوحي.

الدليل الثاني: أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لما أعلن فرضية الحج سأله الأقرع