للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المبحث الخامس هل يجوز الترجيح بين دليلين قطعيين أو لا؟]

لقد اختلف العلماء في هذا على مذهبين:

المذهب الأول: أنه لا يجوز الترجيح بين دليلين قطعيين، سواء

كانا نقليين، أو عقليين.

وهو مذهب أكثر الحنفية، وأكثر الشافعية كالغزالي، والآمدي،

وبعض المالكية كابن الحاجب، وبعض الحنابلة، وهو الحق؛ لما يلي

من الأدلة:

الدليل الأول: أن الترجيح لا بد أن يكون موجبا لتقوية أحد

الدليلين المتعارضين على الآخر، والدليل المقطوع به غير قابل للزيادة

والنقصان، فلا يطلب فيه ترجيح.

الدليل الثاني: أن الترجيح غير متصور في القطعي؛ لأنه إما أن

يعارضه قطعي أو ظني.

أما الأول - وهو احتمال معارضته بالدليل القطعى - فهو محال؛

لأنه يلزم منه ما يلي:

إما العمل بهما معا وهو باطل؛ لأنه جمع بين النقيضين.

وإما عدم العمل بهما معا وهو باطل؛ لأنه ترك لدليلين قد ثبتا.

وأما العمل بأحدهما دون الآخر وهو باطل؛ لأنه تحكم؛ حيث

لا ترجيح مع التساوي.