للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كمشقة الندب والكراهة، وهي: مشقة فوات الفضيلة، بل إن

المكلَّف في المباح يخير بين الفعل والترك مطلقاً، وهذا لا تكليف

فيه، وبناء على ذلك فلا تكليف في المباح.

المذهب الثاني: أن الإباحة تدخل تحت التكليف.

ذهب إلى ذلك الأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني، واستدل بقوله:

إن التكليف هو: وجوب اعتقاد إباحته، وأنه من الشرع، فيكون

المباح يكلف به من حيث وجوب اعتقاده.

جوابه:

يمكن أن يجاب عما قاله الأستاذ في استدلاله بأن يقال: إننا لو

قلنا مثل ذلك للزم أن نقول مثله في جميع الأحكام الشرعية؛ لأنه لا

فرق بين المباح، والحرام، والمندوب، والمكروه في وجوب اعتقاد

الحكم من إباحة، أو حرمة، أو ندبية، أو كراهة، والكلام ليس

في هذا الاعتقاد فإنه لا يسمى مباحاً، وإنما الكلام في نفس الفعل

الذي تعلقت به الإباحة كالأكل والشرب.

سبب وضع المباح ضمن الأحكام التكليفية:

قد يقول قائل: إذا كان المباح لا يدخل في التكليف كما رجحت

ذلك، وأجبت عن دليل من قال بأنه من التكليف، فلماذا اعتبر من

أقسام الأحكام التكليفية الخمسة؟

أقول - في الجواب عن ذلك -: إن المباح صار من أقسام

الأحكام التكليفية الخمسة؛ لأنه يختص بالمكلفين.

أي: أن الإباحة والتخيير لا يكون إلا ممن يصح إلزامه بالفعل أو

الترك، أما الناسي، والنائم، والمجنون، والصبي، ومن في