للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدليل الثالث: أنه لا يمتنع عقلاً أن يأمر اللَّه تعالى بالشيء ثم

ينسخه، سواء نسخ قبل الفعل، أو بعده للامتحان والابتلاء، فمن

فعل الشيء قبل نسخه، أو عزم على فعله، أو استعد للامتثال، أو

ظهرت عليه أي علامة تدل على استعداده لامتثال ذلك الأمر قبل أن

ينسخ: فإنه يثاب.

ومن لم يمتثل، ولم تظهر عليه أيُّ علامة للامتثال فإنه يأثم.

الدليل الرابع: أنه إذا جاز أن يطلق الأمر ثم يسقطه بالعجز

والمرض جاز أن يطلق الأمر ويسقطه بخطاب آخر.

الدليل الخامس: أنه إذا جاز أن يخلق اللَّه - تعالى - خلقا على

صفة، ثم بنقله إلى صفة أخرى: مثل أن يخلقه طفلاً، ثم ينقله

إلى الشباب، ثم إلى الكهولة، ثم إلى الشيخوخة، ثم إلى الوت

من غير اختيار للعبد، ولم يكن ذلك قبيحا في شرع ولا عقل،

فوجب أن يجوز - هنا - أن يكلف اللَّه خلقه بعبادة ثم ينقلهم عنها.

المسألة الثامنة: هل النسخ جائز شرعاً؟

لقد اختلف في ذلك على مذهبين:

المذهب الأول: أن النسخ جائز شرعا.

ذهب إلى ذلك جمهور العلماء.

وهو الصحيح؛ للأدلة التالية:

الدليل الأول: إجماع الصحابة، فقد أجمعوا على أن شريعة

محمد - صلى الله عليه وسلم - ناسخة لجميع الشرائع السابقة إما بالكلية، وإما فيما