ثانيهما: أن التخصيص لا يستدعي بدلاً مثله، أو خيراً منه، وإنما
التخصيص بيان للكلام.
الدليل الرابع: قوله تعالى: (وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ) .
وجه الدلالة: أن التبديل عام وشامل للرفع والإثبات، والمرفوع
إما تلاوة، وإما حكم، وكيفما كان فهو نسخ.
المذهب الثاني: أن النسخ ممتنع شرعاً.
نسب هذا المذهب إلى أبي مسلم الأصفهاني - محمد بن بحر
المتوفى عام ٤٢٢ هـ.
دليل هذا المذهب:
استدل على ذلك بقوله تعالى: (لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) .
وجه الاستدلال: أن النسخ باطل؛ لأن فيه إلغاء للحكم
المنسوخ، فلو وقع في القرآن لأتاه الباطل، وفى ذلك تكذيب لخبر
الله تعالى، والكذب محال في خبره.
جوابه:
يجاب عنه بأن الآية لا تدل على أن النسخ ممتنع؛ لأمرين:
أولهما: أن معنى الآية: أنه لم يتقدم على القرآن من كتب اللَّه ما
يبطله، ولا يأتي من بعده من كتب اللَّه ما يبطله، وهذا ليس فيه
معارضة في أنه ينسخ بعضه بعضاً.
ثانيهما: أن النسخ إبطال، وليس بباطل؛ لأن الباطل ضد
الحق، والنسخ حق، فهو إبطال العمل بالحكم المنسوخ.